رِسَالة في حِكَاية المباحَثَة مَعَ عُلمَاء مَكَّة

في حَقِيْقة دعْوَة الشَّـيْخ مُحمَّد بْن عَبْد الوَهَّابِ -رحمه الله-

تأليْفُ

الشَّيخ عَبد الله بْن مُحمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب

دراسة وتحقيق

د. صالح بن عبد العزيز بن عثمان سندي

الأستاذ المساعد بقسم العقيدة

بكلية الدعوة بالجامعة الإسلامية

 

المقدمة

الحمد لله المتفرد بكبريائه وعظمته، المتوحد بصمديته وألوهيته، والصلاة والسلام على نبينا محمد خير خليقته، وعلى آله وصحابته، أما بعد:

فإن أعظم العلوم موضوعًا، وأقومها أصولاً وفروعًا، وأقواها حجة ودليلاً، وأجلاها محجة وسبيلاً: علم التوحيد؛ إذ التوحيد أصلُ الدين وجماعه، وظاهره وباطنه، وأوله وآخره.

وإن من نعم الله المتتابعة أن قيض لهذا التوحيد عصابة من أوليائه الموحدين المخلصين، فوفقهم إلى التمسك بعروته الوثقى وحبله المتين، فلم يزالوا للحق ناظرين، وبه ظاهرين، ولله ولرسوله –عليه الصلاة والسلام- ناصرين، وللباطل وأهله دامغين.

وإن من أعلام أولئك الميامين: الإمام المجدد لما اندرس من معالم الدين: محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله رحمة واسعة؛ فقد نهض بدعوة سلفية على منهاج النبوة، كانت امتدادا للإسلام الحق بصفائه ونقائه، أشرق ضياؤها في قلب جزيرة العرب، وامتد نورها إلى مشارق الأرض ومغاربها.

وقد سطر هذا الإمام الجليل خلاصة دعوته في قوله: (( بل أقول –ولله الحمد والمنة وبه القوة–: إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم، ديناً قيماً ملة إبراهيم حنيفاً ، وما كان من المشركين، ولست –ولله الحمد– أدعو إلى مذهب صوفي، أو فقيه، أو متكلم، أو إمام من الأئمة الذين أعظمهم -مثل ابن القيم، والذهبي، وابن كثير، أو غيرهم- بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي أوصى بها أول أمته وآخرهم، وأرجو أني لا أردّ الحق إذا أتاني، بل أُشهد الله وملائكته وجميع خلقه: إن أتانا منكم كلمة من الحق، لأقبلنّها على الرأس والعين، ولأضربن الجدار بكل ما خالفها من أقوال أئمتي ، حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لا يقول إلا الحق))(1).

ولقد شرق بدعوة الشيخ فئام من أعداء الحق وأنصار الباطل؛ فنسجوا حولها الأباطيل والأكاذيب، وسعوا إلى اصطناع الحجب الكثيفة، حتى تحول بين الناس وبين هذه الدعوة المباركة، ولم يضروا بهذا إلا أنفسهم؛ فالحق أبلج، وأنصاره منصورون، والباطل داحض، وأتباعه مقهورون، والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

وهذه الرسالة التي أقدم لها شاهدٌ صادق؛ يبين حقيقة هذه الدعوة، ويدفع مفتريات خصومها، ويجيب عن الإشكالات التي قد تورد عليها، رقمها عالم جليل، تميز بكونه أقرب الناس إلى الإمام، وأعلمهم بعقيدته ودعوته؛ ألا وهو ابنه الشيخ العلامة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وغفر له.

هذا وإن أهم ما دفعني إلى تحقيق هذه الرسالة: قيمتها العلمية العظيمة؛ فهي على وجازتها من أفضل ما كُتب في تجلية حقيقة الدعوة الإصلاحية، ومن أجمع ما يكشف دعاوى معانديها، لا سيما وأنها تضمنت موافقة علماء البلد الحرام –مكة المشرفة- لما قامت عليه ودعت إليه.

فهي باختصار: وثيقة موجزة لمنهاج الدعوة الإصلاحية.

ومع الاسف؛ فإن النسخ المطبوعة منها لم تخلُ من أخطاء وتصحيفات؛ فليس للرسالة - على أهميتها- نسخة سليمة تمامًا، هذا عدا عن تجرد تلك النسخ من العناية العلمية التي تسهل الانتفاع بها.

فأرجو أن يكون في خدمتها الخدمة العلمية اللائقة بها، ونشرها في أوساط المسلمين، نفع كبير لهم، والتوفيق بيد الله.

وقد قسمت عملي في الرسالة إلى قسمين:

القسم الأول: قسم الدراسة، وجعلته في مبحثين:

المبحث الأول: ترجمة المؤلف.

وقد ترجمت فيه للمؤلف ترجمة مختصرة؛ تناولت فيها اسمه، ونسبه، ومولده، ونشأته، وطلبه للعلم، وتلامذته، وعقيدته، ومذهبه، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، ومصنفاته، ووفاته.

المبحث الثاني: التعريف بالرسالة.

وقد تناولت فيه إثبات نسبة الرسالة لمؤلفها، واسمها، وموضوعها، وقيمتها العلمية، والنسخ المعتمدة في التحقيق، ثم منهجي في التحقيق.

وقد كتبت جميع ذلك برسم الإيجاز؛ حتى لا يطغى القسم الدراسي على النص المحقق؛ إذ هو المقصود.

القسم الثاني: تحقيق النص.

وفيه أوردت النص محققًا.

وقد بذلت وسعي في أن يكون في أقرب صورة لما كتبه المؤلف، مع التعليق عليه بما يخدمه، ويزيد الانتفاع به.

والله تعالى المسئول أن يجعل هذا العمل خالصًا صوابًا نافعًا، وأن يدّخر لي أجره موفورًا يوم لقائه، وأن يثقل به ميزاني، ويبيض به وجهي؛ إن ربي قريب مجيب.

وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

     

القِسْمُ الأوَّل

قسْم الدّرَاسَة

المبحث الأول: ترجمة المؤلف (2

 اسمه ونسبه:

هو الشيخ العلامة عبد الله بن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان الوهيبي التميمي النجدي.

 مولده ونشأته:

ولد الشيخ في الدرعية سنة (1165 هـ)، وبها نشأ في كنف والده نشأة دينية صالحة.

 طلبه للعلم:

كان للنشأة الصالحة للشيخ رحمه الله أثر في انتهاجه طريق العلم مبكرًا؛ فقد قرأ القرآن حتى حفظه، ثم لازم والده، فتفقه على يديه، وقرأ عليه في الأصول والفروع.

ووالد الشيخ -إمام الدعوة- هو أهم شيوخه، وتخرجه كان عليه، وإن كان قد ذُكر أنه أخذ العلم عن غيره؛ لكن لم تذكر الكتب التي ترجمت له –فيما بين يدي- شيخًا له سواه، وكفى به معلمًا ومربيًا ومرشدًا.

 تلامذته:

تتلمذ على المؤلف تلاميذ كثر، مـمَّن أضحوا علماء مبرزين، منهم:

1-   ابنه الشيخ سليمان بن عبد الله، الإمام العلامة الفقيه المحدث، صاحب كتاب: تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد، ولد سنة (1200هـ) بالدرعية، وقُتل بها على يد إبراهيم باشا سنة (1233 هـ) رحمه الله(3).

2-   ابنه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن عبد الله، ولد سنة (1219هـ) بالدرعية، ونُقل إلى مصر مع والده، ودرس بالأزهر، وتولى التدريس برواق الحنابلة، وتوفي بمصر سنة (1274هـ) رحمه الله(4).

3-   ابن أخيه الشيخ عبد الرحمن بن حسن، الإمام العلامة، الملقب بالمجدد الثاني، صاحب كتاب: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ولد سنة (1193هـ) بالدرعية، وتوفي بالرياض سنة (1285هـ) رحمه الله(5).

4-   سبطه الشيخ: عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن، الإمام العلامة المحقق، ولد في الدرعية سنة (1225هـ)، وتوفي سنة (1293هـ)(6).

5-   الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز أبا بطين، ولد سنة (1194هـ) بروضة سدير، وتوفي سنة (1282هـ)(7).

 عقيدته ومذهبه:

الشيخ عبد الله صاحب عقيدة سلفية نقية، وهذا الشيء من الوضوح بحيث يستغنى عن الإطالة في تقريره، وكتبه ورسائله –ومنها هذه الرسالة- شاهد صدق على ذلك.

أما مذهبه؛ فقد قرر الشيخ في الرسالة أنه حنبلي المذهب؛ فقد جاء فيها: ((ونحن أيضاً في الفروع على مذهب الإمام أحمد بن حنبل)) (8).

وانتساب الشيخ وأئمة الدعوة إلى مذهب الإمام أحمد، قد بيّن الشيخ مراده منه في مواضع أخرى من كلامه، وسوف ألخص ذلك في فقرات، حتى يتضح المقام:

أولاً: يرى الشيخ وإخوانه من أئمة الدعوة أن الأصل الواجب على العبد اتباع الكتاب والسنة، وإذا ظهر له المراد منهما، لم يكن له العدول عنه لقول أحد كائنًا من كان.

وفي هذا يقول رحمه الله: (( عقيدة الشيخ [أي الإمام محمد بن عبدالوهاب] رحمه الله التي يدين الله بها هي عقيدتنا وديننا الذي ندين الله به، وهي عقيدة سلف الأمة وأئمتها ، من الصحابة، والتابعين لهم بإحسان، وهو: اتباع ما دل عليه الدليل من كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وعرض أقوال العلماء على ذلك؛ فما وافق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قبلناه، وأفتينا به، وما خالف ذلك، رددناه على قائله.

وهذا هو الأصل الذي أوصانا به في كتابه، حيث قال: ﮋ               ﯼ   ﯽ  ﯾﯿ                       ﰈ  ﰉ   ﰊ      ﮊ     [النساء: ٥٩)) (9).

ويقول أيضا: ((وإذا تفقه الرجل في مذهب من المذاهب الأربعة، ثم رأى حديثاً يخالف مذهبه، فاتبع الدليل وترك مذهبه؛ كان هذا مستحباً، بل واجباً عليه إذا تبين له الدليل، ولا يكون بذلك مخالفاً لإمامه الذي اتبعه؛ فإن الأئمة كلهم متفقون على هذا الأصل: أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، رضي الله عنهم أجمعين )) (10).

ثانياً: يرى الشيخ وإخوانه من أئمة الدعوة أن العامي: الذي لا أهلية له لمعرفة الأدلة والاستنباط منها ، فهذا فرضه تقليد أهل العلم.

يقول رحمه الله: (( الواجب على المكلف: أن يتقي الله ما استطاع، كما قال تعالى: ﮋ          ﮊ [ التغابن: ١٦]، وقال تعالى: ﮋ          [البقرة: 233]؛ فإن كان المكلف فيه أهلية لمعرفة دلائل المسائل من الكتاب والسنة ، وجب عليه ذلك باتفاق العلماء، وإن لم يكن فيه أهلية -كحال العوام الذين لا معرفة لهم بأدلة الكتاب والسنة-، فهؤلاء يجب عليهم التقليد، وسؤال أهل العلم فقط، كما قال تعالى: ﮋ                    ﮊ  [سورة النحل آية: 43] )) (11).

ثالثا: انتساب الشيخ وأئمة الدعوة لمذهب الإمام أحمد، هو موافقتهم له في أصوله.

وقد بيّن الشيخ ذلك، حينما نقل عن ابن القيم أصول مذهب أحمد الخمسة -وهي: الأخذ بالنصوص، والأخذ بفتاوى الصحابة، وإذا اختلفوا تخير من أقوالهم أقربها إلى الكتاب والسنة، والأخذ بالحديث الضعيف الذي لم يشتد ضعفه، إذا لم يجد في الباب غيره، ثم الأخذ بالقياس إذا عُدم ما سبق- ثم قال بعد ذلك: ((فهذا ما أشرنا إليه من قولنا: مذهبنا مذهب الإمام أحمد)) (12).

رابعاً: يرى الشيخ وأئمة الدعوة الأخذ بمذهب الإمام أحمد –أيضا- في مسائل الاجتهاد التي لم يتضح فيها الدليل البين.

يقول رحمه الله: (( قد صرح العلماء أن النصوص الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها ولا ناسخ، وكذا مسائل الإجماع - لا مذاهب فيها؛ وإنما المذاهب فيما فهمه العلماء من النصوص، أو علمه أحد دون أحد، أو في مسائل الاجتهاد، ونحو ذلك))، ثم قال بعد ذلك: ((فأين هذا من توهمكم أن قولنا: مذهبنا مذهب الإمام أحمد ، أنا نقلده فيما رأى وقال، وإن خالف الكتاب والسنة والإجماع؛ فنعوذ بالله من ذلك، والله المستعان)) (13).

خامساً: ينكر الشيخ وأئمة الدعوة التعصب للمذاهب الفقهية.

يقول رحمه الله: ((والذي ننكره هو التعصب للمذاهب، وترك اتباع الدليل)) (14).

هذا وللشيخ رسالة محررة كتبها جوابًا لمن كاتبه منكرًا عليه انتسابه وأئمة الدعوة لمذهب أحمد، ينبغي أن يُرجع إليها في هذا الموضع، وقد نقلت منها فقرات فيما سبق(15).

 مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

الشيخ العلامة عبد الله بن محمد من كبار العلماء المشهود لهم بالرسوخ في العلم؛ فلقد برز في أنواع العلوم، وكانت له اليد الطولى فيها أصولاً وفروعًا؛ عقيدة ، وفقهًا ، وأصولاً ، وتفسيرًا ، وحديثًا ، ولغة.

وجمع كلمات العلماء في الثناء عليه وبيان مكانته العلمية، مما يضيق به المقام، وسأورد غمرا من فيض ذلك الثناء ، فيما يأتي:

  ?وصفه الشيخ العلامة عبد الرحمن بن حسن بقوله: ((شيخ الإسلام، خاتمة الأئمة الأعلام)) (16).

  ? وقال الشيخ عثمان بن بشر في وصفه: ((كان آية في العلم، ومعرفته، ومعرفة فنونه)) (17).

  ? وأطنب الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم رحمه الله في وصفه والثناء عليه، فقال: (( هو الإمام الحبر الهمام، بدر الأعلام، مفتي الأنام، حجة الإسلام، قمر الدجى، شمس الضحى، الثقة الثبت، العلم البارع، التقي النقي، الورع الفارس في العلوم، والسيف الصارم المسلول على المبتدعين، والحبر القائم بأمور الدين، ذو الهمة والشجاعة والإقدام، فائق علماء زمانه، مجتهد زمانه، فلك هو قطبه، يزيد عليهم زيادة الشمس على البدر، إذا ذكر المسألة بهت الناس من كثرة محفوظه، وجودة إيراده، وإعطائه كل قول ما يستحقه. يقول الحق الذي أدى إليه اجتهاده، مع ما اشتهر عنه من الورع، وكمال الفكر، وسرعة الإدراك، والخوف من الله، والتعظيم لحرماته. لم ير تحت أديم السماء بعد والده مثله علمًا وعملاً، وحالاً ومقالاً، وحلمًا وخلقًا، واتباعًا وكرمًا، وقيامًا في حق الله. هو عالم نجد ومفتيها بعد والده. ولد في بلد الدرعية، وأخذ العلم عن أبيه وخلق، وتفقه في المذاهب، وأدرك في الأصول والفنون أعلاها، وتفنن في علوم الإسلام، حتى بلغ علاها. كان عارفا بالتفسير لا يجارى، وبأصول الدين وإليه فيها المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه، ودقائق الاستنباط منه، لا يلحق في ذلك، وبالفقه وأصوله، وبالعربية. وبالجملة له اليد الطولى في كل فن من فنون العلم; له المصنفات المشهورة المقبولة، والفتاوى القاطعة غير المعلومة، والرسائل والنصائح السامقة المبرورة ... وله مجالس في التدريس مشهورة، بإحياء علوم أصول الدين معمورة، يأتي إليه العلماء من الأمصار، والسؤالات من جميع النواحي والأقطار؛ فيفهم أحسن إفهام، ويجيب أصوب إيقاع بإيجاز وانتظام، أثنت عليه أهل نجد بأسرها، وأهل الخبرة في برها وبحرها)) (18).

  ? وقال الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ: ((الإمام، العلامة، الأوحد، الثقة الثبت، الورع، المجاهد، المحتسب، ذو الهمة العالية، والشجاعة المتناهية ... عالم نجد بعد أبيه ومفتيها، من له الفتاوى السديدة، والأجوبة العديدة، والردود العظيمة، من ضُربت له أكباد الإبل من سائر بلدان نجد، وتوالت عليه الأسئلة من جميع قرى نجد ومدنها ... وكان إلى جانب قيامه بتعليم العلم وبثه، ونشر مذهب السلف ودعوة التوحيد، مرجع قضاة المملكة السعودية في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود، وابنه الإمام سعود، وابنه الإمام عبد الله؛ فكان في ذلك الوقت بمثابة رئيس قضاة ومفتٍ)) (19).

 مصنفاته:

للشيخ عبد الله رحمه الله جملة من المصنفات العلمية المتميزة، ومنها:

1-     جواب أهل السنة في نقض كلام الشيعة والزيدية.

2-     الكلمات النافعة في المكفرات الواقعة.

3-     مختصر السيرة النبوية.

4-     منسك في الحج.

وهذه المؤلفات مطبوعة مشهورة.

5-  جملة كبيرة من الفتاوى والرسائل المتفرقة ،–ومنها هذه الرسالة-. وقد جمعها الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم في كتابه: الدرر السنية في الأجوبة النجدية(20).

 وفاته:

عقب استيلاء إبراهيم باشا على الدرعية سنة (1133هـ) ، ومكثه بها تسعة أشهر؛ أمر بنقل جميع آل سعود وآل الشيخ إلى مصر، وكان من جملتهم الشيخ عبد الله وأسرته، وبقي هناك محدود الإقامة، حتى توفي بها سنة (1242هـ) رحمه الله وغفر له.

المبحث الثاني: التعريف بالرسالة

 إثبات نسبة الرسالة:

لا شك أن هذه الرسالة ثابتة النسبة للشيخ عبد الله بن محمد رحمه الله، ويدل على ذلك أمران:

الأول: نسبة جمع من العلماء والمؤرخين هذه الرسالة إليه رحمه الله ، وإيرادهم لها كاملة أو منقوصة، ومنهم:

1-  الشيخ سليمان بن سحمان في: الهدية السنية(21).

2-  الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم في: الدرر السنية(22).

3- الشيخ عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن عبد الله آل الشيخ في: مشاهير علماء نجد، وغيرهم(23).

4- الشيخ محمد بشير السهسواني في: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان(24).

5-الشيخ عبد الله البسام في: علماء نجد خلال ثمانية قرون(25).

الثاني: الإشارة إلى الرسالة ونسبتها إليه دون إيرادها من قبل بعض المؤرخين والباحثين، ومنهم:

1-    محمد كرد علي في كتابه: القديم والحديث(26).

2-    الزركلي في كتابه: الأعلام(27).

      وغيرهما(28).

 اسم الرسالة:

لم يسمّ المؤلف رسالته في مقدمتها، ولم يذكر أحد ممن أوردها أو أشار إليها اسمًا لها، وإنما كانت عباراتهم تدور على وصفها بأنها رسالة كتبها بعد دخول مكة في بيان حقيقة الدعوة، أو جوابًا عمن سأله عن معتقده، أو أنها رسالة كتبها لأهل مكة بعد مناظرتهم، أو نحو هذه العبارات(29).

وقد رأيت تسميتها بـ: (رسالة في حكاية المباحثة مع علماء مكة في حقيقة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله- )؛ إذ هو أصدق وصف لمضمونها، والله أعلم.

 موضوع الرسالة وقيمتها العلمية:

موضوع هذه الرسالة -كما أسلفت- تجليةُ حقيقة الدعوة الإصلاحية التي نهض بها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ودفع مفتريات خصومها.

وقد عالج المؤلف رحمه الله هذا الموضوع بأسلوب علمي هادئ دقيق، مدعم بالأدلة والبراهين، التي تنبئ عن تمكنٍ في العلم، ووفورٍ في العقل والحكمة. 

وإن مما يميز الرسالة : شمولها ودقتها؛ ففي أعطافها الجواب الشافي عن جُل المسائل التي تثار ضد الدعوة الإصلاحية، وبيان موقف أئمتها من دقائق وتفاصيل كثيرة، سواء منها ما تعلق بالعقيدة، أو السلوك، أو الموقف من المخالفين، أو الأمور البدعية المحدثة، أو حتى بعض المسائل الفقهية.

وأرى أن هذه الرسالة من أصدق ما يبين الحقيقة الناصعة للدعوة الإصلاحية، ويرد أباطيل أعدائها، ويزيف أكاذيبهم.

كما أن الرسالة وثيقة تاريخية ، تحكي مجريات حقبة مهمة في التاريخ الحديث، بإنصاف وموضوعية؛ وأعني بذلك الأحداث التي أعقبت دخول الإمام سعود بن عبد العزيز رحمه الله مكة، وبسط نفوذ الدولة السعودية عليها.

وقد أبان جمعٌ من العلماء والمؤرخين عن قيمة هذه الرسالة، ومدى احتفائهم بها. ومن ذلك:

  ? قول العلامة سليمان بن سحمان أثناء تعريفه بها: ((فأجاب رحمه الله بما ستقف عليه -إن شاء الله تعالى-، وهو الذي نعتقده وندين الله به؛ لكي يعلم إخواننا الموحدون ما نحن عليه وأئمتنا ومشايخنا، وأنا على ما كان عليه سلف هذه الأمة وأئمتها في الأصول والفروع، وليعلموا أن ما افتراه علينا أعداء الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- هو الخزي الفاضح، والإفك الواضح الذي لا يحكيه وينميه عن أهل الإسلام من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويعلم أنه موقوف بين يدي الله يوم القيامة، ومسئول عن ذلك)) (30).

  ? وقول الشيخ عبد الرحمن آل الشيخ: ((وكتب حال دخوله مكة المكرمة مع الأمير سعود رسالة وإجابة منه لمن سأله عما يعتقدونه ويدينون الله به، ونحن نوردها بكاملها في هذا الموضع من الترجمة لعظيم فائدتها، ولاشتمالها على معاني دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ودحضها كذب أعداء الإسلام ودعاة الباطل ، من أنصار الشرك وأعداء التوحيد)) (31).

  ? وقول الأستاذ محمد كرد علي –رئيس المجمع العلمي العربي بدمشق-: ((ورسالة عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب التي كتبها حين فتح الحرمين الشريفين شاهدة عدل على أنه بريء من تلك الافتراءات التي افتروها على عقائده وعقائد أبيه، وبنوا عليها تلك الزلازل والقلاقل، وأن مذهبه عين مذهب الأئمة المحدثين، والسلف الصالحين)) (32).

  ? وقول الأستاذ خير الدين الزركلي: ((وكان مع الأمير سعود ابن الإمام عبد العزيز يوم دخول مكة في المرة الأولى (1218هـ)، وسأل بعض الناس عن عقيدتهم؛ فكتب رسالة اشتملت على معاني دعوة أبيه، ودحض بها ما كان يرميهم به خصومهم)) (33).

 النسخ المعتمدة في التحقيق:

اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على نسخة مخطوطة، وثلاث نسخ مطبوعة. ووصفها فيما يأتي:

النسخة الأولى: مصورة عن نسخة مخطوطة محفوظة في المكتبة البريطانية، قسم المجموعات الشرقية، برقم (02 6631).

وهذه النسخة تحتوي على ثلاث وثلاثين لوحة، كل لوحة لها وجهان، وعدد الأسطر في الوجه الواحد: أحد عشر سطرًا، ومتوسط عدد الكلمات في السطر: سبع كلمات، وخطها واضح مقروء.

وقد كُتب في ختامها بخط مغاير: ((وكتبه عبد الله بن محمد بن عبدالوهاب، بتاريخ العزيز من شهر المحرم الحرام سنة 1211هـ)).

وأقطع أن هذه الرسالة ليست بخط الشيخ رحمه الله؛ لأنها كثيرة الأخطاء اللغوية، والتحريفات، والتصحيفات؛ مما يستبعد أن تكون بخط الشيخ تمام الاستبعاد. ويؤكد ذلك أن التاريخ المذكور خطأ؛ لأن تاريخ كتابتها كان عقب دخول الإمام سعود ومعه الشيخ مكة سنة (1218هـ)، كما هو مدون في أول الرسالة. 

وقد رمزت لها بالحرف (م).

النسخة الثانية: النسخة المطبوعة ضمن: الهدية السنية لابن سحمان رحمه الله (41-54) ، مطبوعة سنة (1342هـ) بمطبعة المنار بمصر، وعليها تعليقات قليلة للشيخ محمد رشيد رضا. وهي نسخة جيدة، ولم يذكر مصدرها المنقولة عنه، كما هو الشأن في النسخ التي تليها.

وقد رمزت لها بالحرف (س).

النسخة الثالثة: النسخة المطبوعة ضمن الدرر السنية في الأجوبة النجدية (1/222-241) ، في طبعتها السادسة (1417هـ)، وقد قابلتها بالطبعة الثانية (1385هـ) ، فوجدت أن الفروق بينهما نادرة جدًا.

وهذه النسخة لم تخلُ من أخطاء وتصحيفات، إضافة إلى أخطاء كثيرة في علامات الترقيم، قد تؤدي إلى عدم فهم الكلام في بعض المواضع، إلا أنها في الجملة أفضل من النسخة المخطوطة.

وعند مقارنتها بنسخة الهدية السنية، وجدتهما متقاربتين جدًا.

وقد رمزت لها بالحرف (ط).

النسخة الرابعة: النسخة المطبوعة ضمن كتاب مشاهير علماء نجد وغيرهم ، لعبد الرحمن آل الشيخ (34-48). وبعد مقابلتها وإثبات الفروق تبين لي أنها منقولة عن نسخة الهدية السنية، فأعرضت عن إيراد هذه الفروق،  استغناء بما أثبته من فروق تلك.

 منهج التحقيق:

لقد سرت في تحقيق هذه الرسالة وخدمتها وفق المنهج العلمي المتبع، وألخصه في الفقرات الآتية:

1- قابلت بين النسخ المعتمدة، وأثبت الفروق في الهامش، معتمدًا طريقة النص المختار، مع إغفال الإشارة إلى الأخطاء في الآيات، أو الأخطاء الإملائية الواضحة –لكثرتها-، أو الاختلافات غير المؤثرة؛ كالاختلاف في ألفاظ التصلية، أو قول: عز وجل، وتعالى، أو صيغ الأدعية، أو في زيادة حرف أو نقصانه ، مما لا يؤثر في المعنى، ونحو ذلك.

2- عزوت الآيات إلى مواضعها من القرآن الكريم.

3- خرجت الأحاديث والآثار، مع ذكر كلام أهل العلم في الحكم عليها، خلا ما كان في الصحيحين أو أحدهما.

4- ترجمت للأعلام الوارد ذكرهم في الرسالة ترجمة مختصرة، عدا المشهورين.

5- علقت على ما رأيت أنه يحتاج إلى تعليق.

6- اعتنيت بعلامات الترقيم، وضبط ما يحتاج إلى ضبط، وتوضيح الغامض.

7- قدمت دراسة مختصرة عن المؤلف والرسالة.

 

القِسْمُ الثَّانِي

تحْقيْق النَّص

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وبعد:

فإنا معاشر غزو الموحدين(34)، لما منَّ الله علينا –وله الحمد– بدخول مكة المشرفة نصف النهار ، يوم السبت ، في(35) ثامن شهر محرم الحرام ، سنة 1218 هـ(36)، بعد أن طلب أشراف مكة وعلماؤها، وكافة العامة من أمير الغزو سعود(37) –حماه الله(38)- الأمان، وقد كانوا تواطؤوا مع أمراء الحجيج وأمير مكة على قتاله(39) ، أو الإقامة في الحرم؛ ليصدوه عن البيت. فلما زحفت أجناد الموحدين ألقى الله الرعب في قلوبهم؛ فتفرقوا شذر مذر، كل واحد يعد الإياب غنيمة(40). وبذل الأمير حينئذ الأمان لمن بالحرم الشريف(41). ودخلنا وشعارنا التلبية(42)، آمنين محلقين رؤوسنا ومقصرين، غير خائفين من أحد من المخلوقين، بل من مالك يوم الدين؛ ومن حين دخل الجند الحرم، وهم على كثرتهم مضبوطون متأدبون، لم يعضدوا به(43) شجراً، ولم ينفروا صيدًا، ولم يريقوا دماً إلا دم الهدي، أو ما أحل الله من بهيمة الأنعام على الوجه المشروع.

ولما تمت عمرتنا جمعنا الناس ضحوة الأحد، وعرض الأمير –عافاه الله(44)– على العلماء ما نطلب من الناس ونقاتلهم عليه(45)؛ وهو: إخلاص التوحيد لله تعالى وحده(46)؛ وعرفهم أنه لم يكن بيننا وبينهم خلاف له وقعٌ ، إلا في أمرين: أحدهما: إخلاص التوحيد لله تعالى(47)، ومعرفة أنواع العبادة، وأن الدعاء من جملتها، وتحقيق معنى الشرك الذي قاتل الناسَ عليه نبيُنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم، واستمرّ دعاؤه برهة من الزمان بعد النبوة إلى ذلك التوحيد وترك الإشراك، قبل أن تفرض عليه باقي(48) أركان الإسلام الأربعة .

والثاني: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي لم يبق عندهم إلا اسمه، وانمحى أثره ورسمه.

فوافقونا على استحسان ما نحن عليه جملة وتفصيلاً(49)، وبايعوا الأمير(50)على الكتاب والسنة، وقبل منهم، وعفا عنهم كافة، فلم يحصل على أحد منهم أدنى مشقة، ولم يزل يرفق بهم غاية الرفق -لا سيما العلماء- ، ونقرر(51) لهم حال اجتماعهم وحال انفرادهم لدينا أدلة ما نحن عليه، ونطلب(52) منهم المناصحة، والمذاكرة، وبيان الحق.

وعرفناهم -بأن صرح لهم الأمير حال اجتماعهم- بأنا قابلون ما وضحوا برهانه من كتاب أو سنة أو أثر عن السلف الصالح، كالخلفاء الراشدين المأمورين باتباعهم، بقوله صلى الله عليه وسلم: ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي))(53)، أو(54) عن الأئمة الأربعة المجتهدين، ومن تلقى العلم عنهم، إلى آخر القرن الثالث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم))(55).

وعرّفناهم(56) أنا دائرون مع الحق أينما دار، وتابعون للدليل الجلي الواضح، ولا نبالي حينئذ بمخالفة ما سلف عليه من قبلنا؛ فلم ينقموا علينا أمراً، فألحينا عليهم في مسألة طلب الحاجات من الأموات، إن بقي لديهم شبهة؟ فذكر بعضهم شبهة أو شبهتين(57)، فرددناها بالدلائل(58) القاطعة، من الكتاب والسنة، حتى أذعنوا ولم(59) يبق عند أحد منهم شك ولا ارتياب فيما قاتلنا(60) الناس عليه ، أنه الحق الجلي الذي لا غبار عليه.

وحلفوا لنا الأيمان المغلظة(61) -من دون استحلاف لهم- على انشراح صدورهم وجزم ضمائرهم أنه(62) لم يبق لديهم شك في أن من قال: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو: يا ابن عباس، أو: يا عبد القادر، أو غيرهم من المخلوقين؛ طالباً بذلك دفع شر، أو جلب خير، من كل ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؛ من شفاء المرض(63)، والنصر على العدو، والحفظ من المكروه، ونحو ذلك: أنه مشرك شركاً(64) أكبر؛ يُهدر دمه، ويُباح(65) ماله، وإن كان يعتقد أن الفاعل المؤثر في تصريف(66) الكون هو الله تعالى وحده، لكنه قصد المخلوقين بالدعاء، متشفعاً بهم، ومتقرباً(67) لهم؛ لتقضى(68) حاجته من الله بسرهم(69) وشفاعتهم له فيها أيام البرزخ.

وأن ما وُضع من البناء على قبور الصالحين، صارت في هذه الأزمان أصناماً تقصد لطلب الحاجات، ويتضرع عندها، ويهتف(70) بأهلها في الشدائد، كما كانت تفعله الجاهلية الأولى(71).

وكان من جملتهم: مفتي الحنفية: الشيخ عبد الملك القلعي(72)، وحسين المغربي مفتي المالكية(73)، وعقيل بن يحيي العلوي(74).

فبعد ذلك أزلنا جميع ما كان يُعبد بالتعظيم والاعتقاد فيه، ورجاء النفع ودفع الضر بسببه(75)، من جميع البناء على القبور، وغيرها، حتى لم يبق في تلك(76) البقعة المطهرة طاغوت يُعبد. فالحمد لله على ذلك(77).

ثم رُفعت المكوس والرسوم، وكسرت آلات التنباك، ونودي بتحريمه، وأُحرقت أماكن الحشاشين والمشهورين بالفجور، ونودي بالمواظبة على الصلوات في الجماعات، وعدم التفرق في ذلك؛ بأن يجتمعوا في كل صلاة على إمام واحد، ويكون ذلك الإمام من أحد المقلدين  للأربعة  رضوان الله عليهم(78)؛ فاجتمعت(79) الكلمة حينئذ، وعُبد الله وحده، وحصلت الألفة، وسقطت الكلفة، وأُمِّر عليهم أبركهم -وهو الشريف عبد المعين-(80)، واستتب(81) الأمر من دون سفك دم، ولا هتك عرض، ولا مشقة على أحد، والحمد لله رب العالمين .

ثم دُفعت لهم الرسائل المؤلفة للشيخ محمد في التوحيد، المتضمنة للبراهين، وتقرير الأدلة(82) على ذلك بالآيات المحكمات والأحاديث المتواترات، مما يثلج الصدر(83)؛ واختُصر من ذلك رسالة مختصرة للعوام؛ تُنشر في مجالسهم وتُدرس في محافلهم، ويبين لهم العلماء معانيها، ليعرفوا التوحيد؛ فيتمسكوا(84) بعروته الوثيقة، ويتضح(85) لهم(86) الشرك؛ فينفروا عنه، وهم على بصيرة آمنين(87) (88). وهي هذه:

اعلم رحمك الله أن الحنيفية ملة إبراهيم، أن يُعبد الله مخلصاً له، وبذلك أمر الله جميع الناس، وخلقهم لها، قال تعالى: ﮋ             [الذاريات: 56].

فإذا [عرفت](89) أن الله خلقك لعبادته؛ [فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد](90)؛ كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة؛ فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، كما قال تعالى:              ﮊ  ﮋ      ﮎ  ﮏﮐ   ﮑ  ﮒ  ﮓ  ﮔ  ﮕ         ﮊ  [التوبة: 17].

فمن دعا(91) غير الله طالباً منه ما لا يقدر عليه إلا الله، من جلب خير، أو دفع ضر، فقد أشرك في العبادة؛ كما قال تعالى: ﮋ                                         ﯼ  ﯽ   ﭑ                       ﭖ  ﭗ  ﭘ  ﭙ      ﮊ  [الأحقاف: 5 – 6] ، وقال تعالى: ﮋ            ﮊ  ﮋ       ﮎ  ﮏ   ﮐ  ﮑ  ﮒ   ﮓ  ﮔ   ﮕ         ﮘﮙ         ﮝﮞ                  ﮊ  [فاطر: 13 – 14].

فأخبر تعالى وتبارك أن دعاء غير الله شرك، فمن قال: يا رسول الله، أو: يا ابن عباس، أو: يا عبد القادر، أو: يا محجوب، أو غيرهم؛ زاعماً أنه باب حاجته إلى الله تعالى، وشفيعه عنده، ووسيلته إليه؛ فهو المشرك الذي يهدر دمه وماله إلا أن يتوب من ذلك، وكذلك من ذبح لغير الله تعالى، أو نذر لغير الله، أو توكل على غير الله، أو رجا غير الله، أو خاف خوف السر(92) من غير الله، أو التجأ إلى غير الله، أو استعان بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله؛ فهو أيضاً مشرك.

مربع نص:  

وما ذكرنا من أنواع الشرك هو الذي قال الله تعالى فيه: ﮋ                              [النساء: 48]، وهذا الذي قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشركي العرب عليه، وأمرهم بإخلاص العبادة كلها لله تعالى.

ويتضح ذلك بمعرفة أربع(93) قواعد، ذكرها الله تعالى في كتابه:

أولها: أن يُعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون أن الله هو الرزاق، الخلاق، المحيي، المميت، المدبر لجميع الأمور؛ والدليل على ذلك قوله تعالى:                                  ﯨ  ﯩ               ﯯﯰ   ﯲﯳ       [يونس: 31]، وقال تعالى: ﮋ                         ﯜﯝ                      ﯨ  ﯩ        ﯬﯭ                                     ﯼ  ﯽ               ﯿ      ﰂﰃ           ﮊ  [المؤمنون: 84 – 89].

إذا عرفت هذه القاعدة وأشكل عليك: كيف أقروا بهذا ثم توجهوا إلى غير الله يدعونه؟

فاعرف القاعدة الثانية؛ وهي: أنهم يقولون: ما توجهنا إليهم ودعوناهم إلا لطلب الشفاعة عند الله، نريد من الله لا منهم، لكن بشفاعتهم؛ والدليل على ذلك قول الله تعالى:              ﮨﮩ             ﮯﮰ                         ﯜﯝ            ﮊ  [يونس: 18] ، [وقوله تعالى](94): ﮋ        ﮊ  ﮋ      ﮎ  ﮏ    ﮐ  ﮑ  ﮒ  ﮓ   ﮔ     ﮕ                     ﮟﮠ                          ﮊ  [الزمر: 3].

إذا عرفت هذا؛ فاعرف القاعدة الثالثة؛ وهي: أن منهم من طلب الشفاعة من الأصنام، ومنهم من تبرأ من الأصنام، وتعلق [بالصالحين](95)؛ مثل عيسى، وأمه، والملائكة؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﮋ          ﯨ  ﯩ                 ﯱﯲ                        ﮊ  [الإسراء: 57]. والرسول صلى الله عليه وسلم لم يفرق بين من عبد الأصنام ومن عبد الصالحين، بل كفّر الكلّ، وقاتلهم حتى يكون الدين كله لله.

الرابعة: وهي: [أن الأولين] (96) يخلصون لله في الشدائد، وينسون ما يشركون(97)؛ قال الله تعالى: ﮋ                ﭪ  ﭫ  إلى آخره [العنكبوت: 65]، [وأهل زماننا: يخلصون الدعاء في الشدائد] (98) لغير الله.

إذا عرفت هذا، فاعرف أن المشركين الذين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أخف شركًا من عقلاء مشركي زماننا؛ لأن أولئك يخلصون لله(99) في الشدائد، وهؤلاء يدعون مشايخهم في الشدة والرخاء، والله أعلم.

وكان فيمن حضر مع علماء مكة، وشاهد غالب ما صار: حسين بن محمد ابن الحسين الإبريقي الحضرمي ثم الحَباني(100)، ولم يزل يتردد علينا، ويجتمع بسعود وخاصته من أهل المعرفة، ويسأل عن مسألة الشفاعة التي(101) جُرّد السيف بسببها، من دون حياء ولا خجل، لعدم سابقة جرم له.

فأخبرناه بأن مذهبنا في أصول الدين مذهب أهل السنة والجماعة، وطريقتنا طريقة السلف؛ التي هي الطريق الأسلم، بل والأعلم والأحكم(102)، خلافاً لمن قال طريقة الخلف أعلم(103).

وهي: أنا نقر آيات الصفات، وأحاديثها(104) على ظاهرها، ونكل علمها إلى الله مع اعتقاد حقائقها(105)؛ فإن مالكاً –وهو من أجل علماء السلف– لما سئل عن الاستواء، في قوله تعالى:      ﮊ  ﮋ    ﮊ [ طه :5]، قال: (الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة) (106).

ونعتقد: أن الخير والشر كله بمشيئة الله تعالى، ولا يكون في ملكه إلا ما أراد؛ وأن(107) العبد لا يقدر على خلق أفعاله، بل له كسبٌ رُتب عليه الثواب فضلاً، والعقاب عدلاً (108)، ولا يجب على الله لعبيده(109) شيء.

وأنه يراه المؤمنون في الآخرة، بلا كيف ولا إحاطة.

ونحن أيضاً: في الفروع على مذهب الإمام أحمد ابن حنبل(110)، ولا ننكر على من قلّد أحد الأئمة الأربعة دون غيرهم؛ لعدم ضبط مذاهب الغير؛ كالرافضة(111) والزيدية والإمامية ونحوهم، ولا(112) نقرّهم ظاهراً على شيء من مذاهبهم الفاسدة، بل نجبرهم على تقليد أحد الأئمة الأربعة.

ولا نستحق مرتبة(113) الاجتهاد المطلق، ولا أحد لدينا يدعيها، إلا أننا في بعض المسائل إذا صح لنا نصٌ جليٌ من كتاب أو سنة غير منسوخ، ولا مخصِّص، ولا معارض بأقوى منه، وقال به أحد الأئمة الأربعة: أخذنا به وتركنا المذهب، كإرث الجد والإخوة؛ فإنا نقدم الجد بالإرث، وإن خالف مذهب الحنابلة(114) .

ولا نفتش على أحد في مذهبه، ولا نعترض عليه، إلا إذا اطلعنا على نص جلي مخالف(115) لمذهب أحد الأئمة، وكانت المسألة مما يحصل بها شعار ظاهر(116)؛ كإمام الصلاة؛ فنأمر الحنفي والمالكي –مثلاً- بالمحافظة على نحو الطمأنينة في الاعتدال، والجلوس بين السجدتين؛ لوضوح دليل(117) ذلك، بخلاف جهر الإمام الشافعي بالبسملة؛ فلا نأمره بالأسرار، وشتان ما بين المسألتين. فإذا قوي الدليل أرشدناهم للنص(118) وإن خالف المذهب، وذلك إنما(119) يكون نادراً جداً .

ولا مانع من الاجتهاد في بعض المسائل دون بعض(120)، فلا مناقضة لعدم دعوى الاجتهاد المطلق(121)، وقد سبق جمع من أئمة المذاهب الأربعة إلى اختيارات لهم في بعض المسائل، مخالفين للمذهب الملتزمين تقليد صاحبه.

 ثم إنا نستعين على فهم كتاب الله بالتفاسير المتداولة المعتبرة، ومن أجلّها لدينا: تفسير ابن(122) جرير، ومختصره لابن كثير الشافعي، وكذا البغوي، والبيضاوي، والخازن، والحداد، والجلالين، وغيرهم.

 وعلى فهم الحديث بشروح الأئمة(123) المبرّزين: كالعسقلاني، والقسطلاني على البخاري، والنووي على مسلم، والمناوي على الجامع الصغير.

ونحرص على كتب الحديث، خصوصاً الأمهات الست(124) وشروحها، ونعتني بسائر الكتب(125) في سائر الفنون: أصولاً، وفروعاً، وقواعد، وسيراً، ونحواً، وصرفاً، وجميع علوم الأمة(126).

ولا نأمر بإتلاف شيء من المؤلفات أصلاً، إلاّ ما اشتمل على ما يوقع الناس في الشرك؛ كروض الرياحين(127)، وما يحصل بسببه(128) خلل في العقائد؛ كعلم المنطق؛ فإنه قد حرمه جمع من العلماء(129).

 على أنا لا نفحص(130) عن مثل ذلك. وكالدلائل(131)، إلاّ إن تظاهر به صاحبه معانداً؛ أُتلف عليه، وما اتفق لبعض البدو(132) في إتلاف بعض كتب أهل الطائف إنما صدر منه لجهله(133)، وقد زُجر هو وغيره عن مثل ذلك .

ومما نحن عليه: أنا لا نرى سبي العرب، ولم نفعله، ولم(134) نقاتل غيرهم، ولا نرى قتل النساء والصبيان(135).

وأما ما يُكذب به(136) علينا -ستراً للحق، وتلبيساً على الخلق- بأنا نفسر القرآن برأينا، ونأخذ من الحديث ما وافق فهمنا، من دون مراجعة شرح، ولا معول على شيخ(137)، وأنا نضع من رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بقولنا: النبي رِمّة(138) في قبره، وعصا أحدنا أنفع له منه(139)، وليس له شفاعة(140)، وأن زيارته غير مندوبة، وأنه كان لا يعرف معنى لا إله إلا الله حتى أنزل عليه ﮋﰊ               ﰎ     ﮊ  [محمد :19]، مع كون الآية مدنية، وأنا لا نعتمد على(141) أقوال العلماء، ونتلف مؤلفات أهل المذاهب؛ لكون فيها الحق(142) والباطل، وأنا مجسمة(143)، وأنا نكفر الناس على الإطلاق(144): أهل زماننا ومن بعد الستمائة، إلا من هو على ما نحن عليه(145).

ومن فروع ذلك: أنا لا نقبل بيعة أحد إلا إذا أقر(146) بأنه كان مشركاً، وأن أبويه(147) ماتا على الإشراك بالله، وأنا ننهى عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحرم زيارة القبور المشروعة مطلقاً(148)، وأن من دان بما نحن عليه سقطت عنه جميع التبعات حتى الديون، وأنا لا نرى حقاً لأهل البيت –رضوان الله عليهم–، وأنا نجبرهم على تزويج غير الكفء(149) لهم، وأنا نجبر بعض الشيوخ على فراق زوجته الشابة لتنكح شاباً بلا مرافعة لدينا(150) - فلا(151) وجه لذلك؛ فجميع هذه الخرافات وأشباهها لما استفهَمَنا عنها من ذُكر أولاً كان جوابنا(152) في كل مسألة من ذلك: سبحانك هذا بهتان عظيم؛ فمن روى عنا شيئاً من ذلك، أو نسبه إلينا؛ فقد كذب علينا وافترى.

ومن شاهد حالنا، وحضر مجالسنا، وتحقق ما عندنا، علم قطعًا(153) أن جميع ذلك وضعه وافتراه علينا(154) أعداء الدين، وإخوان الشياطين؛ تنفيراً للناس عن الإذعان بإخلاص(155) التوحيد لله تعالى بالعبادة، وترك أنواع الشرك الذي نص الله على أنه لا يغفره(156)ﮋ             [ النساء :48]؛ فإنا نعتقد أن من فعل أنواعاً من الكبائر؛ كقتل المسلم(157) بغير حق، والزنا، والربا، وشرب(158) الخمر، وتكرر منه ذلك: أنه(159) لا يخرج بفعله(160) ذلك عن دائرة الإسلام، ولا يخلد به(161) في دار الانتقام إذا مات موحداً بجميع(162) أنواع العبادة(163).

والذي نعتقده: أن رتبة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب المخلوقين على الإطلاق(164)، وأنه حي في قبره حياة برزخية(165)، أبلغ من حياة الشهداء المنصوص عليها في التنزيل؛ إذ هو أفضل منهم بلا ريب، وأنه يسمع سلام المسلم عليه.

وتسن زيارته، إلا أنه لا يشد الرحل إلا لزيارة المسجد والصلاة فيه، وإذا قصد مع ذلك الزيارة فلا بأس.

ومن أنفق نفيس أوقاته في الاشتغال(166) بالصلاة عليه –عليه الصلاة والسلام– الواردة عنه، فقد فاز بسعادة(167) الدارين، وكُفي همّه وغمّه، كما جاء في الحديث(168).

ولا ننكر كرامات الأولياء(169)، ونعترف لهم بالحق، وأنهم على هدى(170) من ربهم، مهما ساروا على الطريقة الشرعية، والقوانين المرعية، إلا أنهم لا يستحقون شيئاً من أنواع العبادات، لا حال الحياة، ولا بعد(171) الممات، بل يُطلب(172) من أحدهم الدعاء في حال حياته(173)، بل ومن كل مسلم؛ فقد جاء في الحديث: (دعاء المرء المسلم مستجاب لأخيه) (174) الحديث، وأمر صلى الله عليه وسلم عمر وعلياً بسؤال الاستغفار من أويس ففعلا(175).

ونثبت الشفاعة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حسب ما ورد، وكذلك نثبتها لسائر الأنبياء والملائكة والأولياء والأطفال حسب ما ورد أيضاً(176)، ونسألها من الله(177) المالكِ لها والآذنِ فيها لمن يشاء من الموحدين، الذين هم أسعد الناس بها كما ورد(178)؛ بأن يقول أحدنا –متضرعاً إلى الله تعالى: اللهم شفع نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم فينا يوم القيامة، أو: اللهم شفع فينا عبادك الصالحين، أو ملائكتك، أو نحو ذلك مما يطلب من الله لا منهم؛ فلا يقال: يا رسول الله، أو يا ولي الله أسألك الشفاعة أو غيرها، كأدركني، أو أغثني، أو اشفني، أو انصرني على عدوي، و(179)نحو ذلك، مما(180) لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فإذا طلب ذلك مما ذكر في أيام البرزخ كان من أقسام الشرك؛ إذ لم يرد بذلك نص من كتاب ولا(181) سنة ولا أثر(182) من السلف الصالح في(183) ذلك؛ بل ورد الكتاب والسنة وإجماع السلف أن ذلك(184) شرك أكبر، قاتل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإن قلتَ: ما القول(185) في الحلف بغير الله والتوسل به ؟

قلتُ: يُنظر(186) إلى حال المقسم؛ إن قصد به(187) التعظيم كتعظيم الله أو أشد، كما يقع لبعض غلاة(188) المشركين من أهل زماننا ؛ أنه(189) إذا استُحلف بشيخه -أي: معبوده الذي يعتمد في جميع أموره عليه- لا يرضى أن يحلف(190) إذا كان كاذباً أو شاكاً، وإذا استُحلف بالله فقط رضي-، فهذا(191) كافر من أقبح المشركين، وأجهلهم إجماعاً.

وإن لم يقصد التعظيم؛ بل سبق لسانه إليه؛ فهذا ليس بشرك أكبر(192)، فينهى عنه ويزجر، ويؤمر صاحبه بالاستغفار عن تلك الهفوة.

وأما التوسل، وهو أن يقول القائل: اللهم إني أتوسل إليك بجاه نبيك(193) محمد صلى الله عليه وسلم، أو بحق نبيك، أو بجاه عبادك الصالحين، أو بحق عبدك فلان، فهذا من أقسام البدع(194) المذمومة، ولم يرد(195) بذلك نص؛ كرفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند الأذان .

وأما أهل البيت: فقد(196) ورد سؤال على علماء الدرعية(197) في مثل ذلك، وعن جواز نكاح الفاطمية غير الفاطمي(198)، وكان(199) الجواب عليه ما(200) نصه: أهل البيت –رضوان الله عليهم– لا شك في طلب حبهم ومودتهم، لما ورد فيه(201) من كتاب وسنة(202)؛ فيجب حبهم ومودتهم(203)، إلا أن الإسلام ساوى بين الخلق؛ فلا فضل لأحد إلا بالتقوى، ولهم مع ذلك التوقير والتكريم والإجلال، ولسائر العلماء مثل ذلك؛ كالجلوس في صدور المجالس(204)، والبداءة(205) بهم في التكريم، و(206)التقديم في الطريق إلى موضع التكريم ونحو ذلك، إذا تقارب أحدهم مع غيره(207) في السن أو(208) العلم.

وأما(209) ما اعتيد في بعض البلاد من تقديم صغيرهم وجاهلهم على من هو أمثل منه، حتى إنه إذا لم يقبل يده كلما صافحه، عاتبه وصارمه، أو ضاربه، أو خاصمه؛ فهذا مما لم يرد به نص، ولا دل عليه دليل؛ بل منكرٌ تجب إزالته.

ولو قبل يد أحدهم أو غيرهم(210) لقدوم من سفر، أو لمشيخة علم، أو في بعض الأوقات(211) لطول(212) غيبة؛ فلا بأس به، إلا أنه لما أُلف في الجاهلية الأخرى: أن التقبيل صار عَلَماً لمن يُعتقد فيه أو في أسلافه، وعادة(213) المتكبرين من غيرهم؛ نهينا عنه مطلقاً، لا سيما لمن ذكر؛ حسماً لذرائع الشرك(214) ما أمكن.

وإنما(215) هدمنا بيت السيدة خديجة، وقبة المولد، وبعض الزوايا المنسوبة(216) لبعض الأولياء؛ حسماً لتلك المادة، وتنفيراً عن الإشراك بالله ما أمكن، لعظم شأنه فإنه لا يغفر، وهو أقبح من نسبة الولد لله(217) تعالى، إذ الولد كمالٌ(218) في حق المخلوق؛ وأما الشرك فنقص حتى في حق المخلوق؛ لقوله تعالى: ﮋ          ﮆﮇ      ﮊ  ﮋ      ﮎ  ﮏ  ﮐ   ﮑ  ﮒ  الآية [ الروم:28].

وأما نكاح الفاطمية غير الفاطمي: فجائز إجماعاً(219)؛ بل ولا كراهة في ذلك؛ وقد زوج عليٌ عمر بن الخطاب، وكفى بهما قدوة، وتزوجت سكينة بنت الحسين بن علي(220) بأربعة ليس فيهم فاطمي، بل(221) ولا هاشمي، ولم يزل عمل السلف على ذلك من دون إنكار.

إلا أنا لا نجبر أحداً على تزويج موليته، ما لم تطلب هي، أويمتنع من الكفء(222)، والعرب أكفاء بعضهم لبعض(223)؛ فما اعتيد في بعض البلاد من المنع دليل التكبر وطلب التعظيم. وقد يحصل بسبب ذلك فساد كبير كما ورد، بل يجوز الإنكاح لغير الكفء، وقد تزوج زيد –وهو من الموالي– زينب أم المؤمنين وهي قرشية؛ والمسألة معروفة النقول(224) عند أهل المذاهب. انتهى وفيه الكفاية(225).

فإن(226) قال قائل منفر عن قبول الحق والإذعان له: يلزم من تقريركم وقطعكم في أن من قال: يا رسول الله أسألك الشفاعة أنه مشرك مهدر الدم، - أن يقال بكفر(227) غالب الأمة -ولا سيما المتأخرين-، لتصريح علمائهم المعتبرين أن ذلك مندوب، وشنوا الغارة على من خالف في ذلك.

قلتُ: لا يلزم ذلك(228)؛ لأن لازم المذهب ليس بمذهب، كما هو مقرر(229)، ومثل ذلك: لا يلزم أن نكون مجسمة، وإن قلنا بجهة العلو(230)، كما ورد الحديث بذلك.

ونحن نقول فيمن مات: تلك أمة قد خلت، ولا نكفر إلا من بلغته دعوتنا للحق، ووضحت له المحجة، وقامت عليه الحجة، وأصر مستكبراً معانداً، كغالب من نقاتلهم اليوم، يصرون على ذلك الإشراك(231)، ويمتنعون(232) من فعل الواجبات، ويتظاهرون بأفعال الكبائر المحرمات.

وغير الغالب إنما نقاتله لمناصرته من هذه(233) حاله، ورضاه به، ولتكثير سواد من ذُكر، والتأليب(234) معه؛ فله حينئذ حكمه في حل(235) قتاله.

ونعتذر عمن مضى بأنهم مخطئون معذورون، لعدم عصمتهم(236) من الخطأ، ولا إجماع في ذلك قطعاً(237)؛ ومن شنّ الغارة فقد غلط؛ ولا بدع(238) أن يغلط؛ فقد غلط من هو خير منه؛ كمثل عمر بن الخطاب رضي الله عنه(239)، فلما نبهته المرأة رجع في مسألة المهر(240)، وفي غير ذلك، يُعرف ذلك في سيرته، بل غلط الصحابة وهم جمع، ونبينا محمد(241) صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم، سارٍ فيهم نوره، فقالوا: (اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط) فردَّهم(242).

فإن قلتَ: هذا فيمن ذهل فلما نُبّه انتبه، فما القول فيمن حرر(243) الأدلة، واطلع على كلام الأئمة القدوة، واستمرّ مصراً على ذلك حتى مات؟

قلتُ: ولا مانع أن نعتذر لمن ذاك حاله(244)، ولا نقول إنه كافر؛ أولا(245): لما تقدم أنه مخطىء، وإن استمر على خطئه، لعدم من يناضل عن هذه المسألة في وقته، بلسانه وسيفه وسنانه، فلم تقم عليه الحجة(246)، ولا وضحت له المحجة(247)؛ بل الغالب على زمن المؤلفين المذكورين التواطؤ على هجر كلام أئمة السنة في(248) ذلك رأساً، ومن اطلع عليه أعرض عنه قبل أن يتمكن في قلبه، ولم يزل أكابرهم تنهى(249) أصاغرهم عن مطلق النظر في ذلك، وصولة الملوك قاهرة لمن وقر في قلبه شيء من ذلك(250) ، إلا من شاء الله منهم.

هذا وقد رأى معاوية وأصحابه –رضي الله عنهم-(251) منابذة أمير المؤمنين علي أبي طالب رضي الله عنه وقتاله(252) ومناجزته الحرب، وهم في ذلك مخطئون بالإجماع(253)، واستمروا في(254) ذلك الخطأ(255)، ولم يشتهر عن أحد من السلف تكفير أحد منهم إجماعاً، بل ولا تفسيقه، بل أثبتوا لهم أجر الاجتهاد، وإن كانوا مخطئين، كما ذلك(256) مشهور عند أهل السنة(257).

ونحن كذلك لا نقول بكفر من صحت ديانته وشُهر صلاحه، وعُلم ورعه وزهده، وحسنت سيرته، وبالغ في نصح الأمة(258) ببذل نفسه لتدريس العلوم النافعة والتأليف فيها، وإن كان مخطئاً في هذه المسألة أو غيرها، كابن حجر الهيتمي(259)، فإنا نعرف(260) كلامه في الدر المنظم(261)، ولا ننكر سعة(262) علمه؛ ولهذا نعتني بكتبه؛ كشرح الأربعين، والزواجر وغيرها، ونعتمد على نقله إذا نقل لأنه من جملة علماء المسلمين.

هذا ما نحن عليه، مخاطبين به(263) من له عقل وعلم، وهو متصف بالإنصاف، خالٍ عن الميل إلى التعصب والاعتساف، ينظر إلى(264) ما يقال، لا إلى من قال.

وأما من شأنه لزوم مألوفه وعادته، سواء كان حقاً أو غير حق، فقلَّد من(265) قال الله(266) فيهم: ﮋ                          ﮊ  [الزخرف:23] عادته وجبلته أن يعرف الحق بالرجال لا الرجال بالحق -، فلا نخاطبه وأمثاله إلا بالسيف؛ حتى يستقيم أوده(267)، ويصلح(268) معوجه؛ وجنود(269) التوحيد – بحمد الله – منصورة، وراياتهم بالسعد والإقبال منشورة،         ﯼ  ﯽ     ﮊ  [الشعراء:227] ، وﮋ             ﮊ [المجادلة:22]، وقال تعالى: ﮋ              ﮊ  [الصافات:173]، ﮋ               ﮊ [الروم:47]، ﮋ      ﮊ  [الأعراف:128].

هذا ومما نحن عليه: أن البدعة -وهي ما حدث(270) بعد القرون الثلاثة(271)- مذمومة مطلقاً، خلافاً لمن قال حسنة، وقبيحة ؛ ولمن قسمها خمسة أقسام، إلا إن أمكن الجمع؛ بأن يقال: الحسنة ما عليه السلف الصالح، شاملة للواجبة والمندوبة والمباحة، ويكون تسميتها "بدعة" مجازاً؛ والقبيحة ما عدا ذلك، شاملة: للمحرمة والمكروهة - فلا بأس بهذا الجمع.

فمن البدع المذمومة التي ننهي عنها: رفع الصوت في مواضع(272) الأذان بغير الأذان، سواء كان آيات، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، أو ذكرا غير ذلك ، بعد أذان(273)، أو في(274) ليلة الجمعة، أو رمضان، أو العيدين، فكل ذلك بدعة مذمومة.

وقد أبطلنا ما كان مألوفاً بمكة من التذكير والترحيم(275) ونحوه، واعترف علماء المذاهب أنه بدعة.

 ومنها: قراءة الحديث عن أبي هريرة بين يدي خطبة(276) الجمعة(277)؛ فقد(278) صرح شارح(279) الجامع الصغير بأنه بدعة(280).

ومنها: الاجتماع في وقت مخصوص لقراءة(281) سيرة المولد الشريف، اعتقاداً(282) أنه قربة مخصوصة مطلوبة -دون علم السِّير- ، فإن ذلك لم يرد.

ومنها: اتخاذ المسابح؛ فإنا ننهى عن التظاهر باتخاذها.

ومنها: الاجتماع على رواتب المشايخ برفع الصوت، وقراءة الفواتح لهم(283)، والتوسل بهم في المهمات، كراتب السمان ؛ وراتب الحداد ونحوهما، بل قد يشتمل ما ذكر على شرك أكبر؛ فيقاتَلون على ذلك، فإن سلِموا(284) منه(285) أُرشدوا إلى(286) أنه على هذه الصورة المألوفة غير سنة بل بدعة(287)، فإن أبوا عزّرهم الحاكم بما يراه رادعاً(288). 

وأما أحزاب العلماء المنتخبة من الكتاب والسنة، فلا مانع من قراءتها(289) والمواظبة عليها؛ فإن الأذكار، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، وتلاوة القرآن، ونحو ذلك مطلوب شرعاً، والمعتني به مثاب(290) مأجور، فكلما أكثر منه العبد كان أوفر ثواباً، لكن على الوجه المشروع، من دون تنطع ولا تغيير(291) ولا تحريف، وقد قال تعالى(292):ﮋ         [الأعراف:55] وقال تعالى(293):          [الأعراف :180] . ولله در النووي في جمعه كتاب الأذكار، فعلى الحريص على ذلك به، ففيه الكفاية للموفق(294).

ومنها: ما اعتيد في بعض البلاد، من قراءة مدح(295) النبي صلى الله عليه وسلم بقصائد بألحان، وتُخلط(296) بالصلاة عليه والأذكار والقراءة، ويكون بعد صلاة التراويح، ويعتقدونه(297) على هذه الهيئة من القرب، بل تتوهم العامة أن ذلك من السنن المأثورة المؤكدة(298)؛ فيُنهى عن ذلك.

وأما صلاة التراويح فهي سنة(299)؛ لا بأس بالجماعة فيها، والمواظبة عليها.

ومنها: ما اعتيد في بعض البلاد من صلاة الخمسة الفروض بعد آخر جمعة من رمضان؛ وهذه من البدع المنكرة إجماعاً؛ فيُزجرون عن(300) ذلك أشدّ الزجر(301).

ومنها رفع الصوت بالذكر عند حمل الميت، أو عند رش القبر بالماء، وغير ذلك مما لم يرد عن السلف(302).

وقد ألف الشيخ الطُرطُوشي(303) المغربي كتاباً نفيساً، سماه: "الحوادث والبدع"(304)، واختصره أبو شامة المقدسي(305)؛ فعلى المعتني بدينه بتحصيله.

وإنما ننهى عن البدع المتخذة ديناً وقربة. وأما مالا يُتخذ ديناً وقربة؛ كالقهوة، وإنشاء قصائد الغزل ، ومدح الملوك ؛ فلا(306) ننهى عنه، ما لم يخلط بغيره؛ إما ذكر أو اعتكاف في مسجد ويعتقد أنه قربة؛ لأن حسان ردّ على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقال: قد(307) أنشدته بين يدي من هو خير منك، فقبل عمر(308).

ويحلّ كل لعب مباح؛ لأن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أقرّ الحبشة على اللعب في يوم العيد، في مسجده صلى الله عليه وسلم(309).

ويحل الرجز والحداء في نحو العمارة، والتدريب على الحرب بأنواعه(310)، وما يورث الحماسة فيه، كطبل الحرب، دون آلات الملاهي؛ فإنها محرمة، والفرق ظاهر.

ولا بأس بدف العرس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (بعثت بالحنيفية السمحة)(311)، وقال: (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة)(312).

هذا وعندنا أن الإمام ابن القيم وشيخه: إماما حق من أهل السنة، وكتبهم عندنا من أعز الكتب، إلا أنا غير مقلدين لهم في كل مسألة؛ فإن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا نبينا محمّدًا صلى الله عليه وسلم.

ومعلوم مخالفتنا لهما(313) في عدة مسائل، منها : طلاق الثلاث بلفظ واحد في مجلس واحد(314)؛ فإنا نقول به تبعاً للأئمة الأربعة(315).

ونرى الوقف صحيحاً، والنذر جائزاً، ويجب الوفاء به في غير المعصية.

ومن البدع المنهي عنها: قراءة الفواتح للمشايخ بعد الصلوات الخمس، والإطراء في مدحهم، والتوسل بهم على الوجه المعتاد في كثير من البلاد، وبعد مجامع العبادات، معتقدين أن ذلك من أكمل القرب، وهو ربما جر إلى الشرك من حيث لا يشعر الإنسان؛ فإن الإنسان يحصل منه الشرك من دون شعور به لخفائه، ولولا ذلك لما استعاذ النبي منه بقوله: (اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم(316)، واستغفرك لما لا أعلم(317)، إنك أنت علام الغيوب)(318).

وينبغي المحافظة على هذه الكلمات، والتحرز عن الشرك ما أمكن؛ فإن عمر بن الخطاب قال: ( إنما(319) تُـنقض عرى الإسلام عروة عروة(320)، إذا دخل في الإسلام من لا يعرف الجاهلية)(321) ، أو كما قال؛ وذلك لأنه يفعل الشرك ، ويعتقد أنه قربة، نعوذ بالله من الخذلان، وزوال الإيمان.

هذا ما حضرني حال المراجعة مع المذكور مدة تردده(322)، وهو يطالبني كل حين بنقل ذلك وتحريره، فلما ألحّ علي نقلت له هذا من دون مراجعة كتاب، وأنا في غاية الاشتغال بما هو أهمّ من أمر(323) الغزو.

فمن أراد تحقيق ما نحن عليه فليقدم علينا الدرعية، فسيرى ما يسر خاطره، ويقر ناظره، من الدروس في فنون العلم، خصوصاً التفسير والحديث، ويرى ما يبهره بحمد الله وعونه من إقامة شعائر الدين، والرفق بالضعفاء والوفود والمساكين.

ولا ننكر الطريقة الصوفية(324)، وتنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح، مهما استقام صاحبها على القانون الشرعي، والمنهج القويم المرعي، إلا أنا لا نتكلف له تأويلات في كلامه(325) ولا في أفعاله، ولا نعوّل ونستعين(326) ونستنصر ونتوكل في جميع أمورنا إلا على الله تعالى، فهو حسبنا ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير، وصلى الله على سيدنا(327) محمد وآله وصحبه وسلم(328).

  


( [1] ) الدرر السنية (1/37).

(2) مصادر ترجمته: الدرر السنية (16/376-380)، ومشاهير علماء نجد وغيرهم (32-50)، والأعلام (4/131)، وعلماء نجد خلال ثمانية قرون (1/163-179).

(3] ) انظر: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/211-212)، والدرر السنية ( 16/384-386)، ومشاهير علماء نجد (29-31).

( [4] ) انظر: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/93)، ومشاهير علماء نجد (55-57).

( [5] ) انظر: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/94، 2/20)، والدرر السنية (16/404-413)، ومشاهير علماء نجد (58-64).

( [6] ) انظر: الدرر السنية (16/427-429)، ومشاهير علماء نجد (70-94).

( [7] ) انظر: الدرر السنية (16/404-413)، ومشاهير علماء نجد (176-178).

( [8] ) وانظر أيضا: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (1/236).

( [9] ) الدرر السنية (4/12) من كلام شاركه فيه أخوه الشيخ حسين.

( [10] ) المصدر السابق (4/13).

( [11] ) المصدر السابق (4/26) ، من فتوى له بالمشاركة مع إخوانه: إبراهيم وحسين وعلي والشيخ حمد بن ناصر. وانظر أيضا: المصدر السابق (4/14): فتوى له بالمشاركة مع أخيه حسين في المعنى نفسه.

( [12] ) المصدر السابق (4/21).

( [13] ) المصدر السابق (4/18-19).

( [14] ) المصدر السابق (4/14) ، من فتوى له بالمشاركة مع أخيه حسين.

( [15] ) انظر: المصدر السابق (4/16-25) . وهي أيضا مضمنة في: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (237-244).

( [16] ) المصدر السابق (7/137).

( [17] ) عنوان المجد (1/93).

( [18] ) الدرر السنية (16/376-378).

( [19] ) مشاهير علماء نجد (32-33).

( [20] ) وقد تتبعها الأستاذ الدكتور عبد المحسن المنيف في مقدمة تحقيقه لـ:(أربع رسائل فقهية) للمؤلف، وأثبت أرقام الصفحات التي ورد فيها ذكر فتوى له أو رسالة، كما اعتنى بذكر أماكن طبع مؤلفاته السابقة، وتواريخها. 

( [21] ) ص (41). 

( [22] ) (1/222). 

( [23] ) ص (34). 

( [24] ) ص (408، 474، 476، 484). 

( [25] ) (1/173). 

( [26] ) ص (166). 

( [27] ) (4/131).  

( [28] ) وقد نسبها إليه كثير من المعاصرين.

( [29] ) انظر: الهدية السنية (41)، ومشاهير علماء نجد (34)، وصيانة الإنسان (408)، والقديم والحديث (166)، والأعلام (4/131).

     ويحسن أن يشار ههنا إلى أن هذه ليست هي المباحثة أو المناظرة الأولى التي جرت بين علماء الدعوة الإصلاحية وعلماء مكة المكرمة؛ بل سبقها غيرها؛ من ذلك: مناظرة الشيخ عبد العزيز الحصين لهم، إثر بعثه من قبل الإمام عبد العزيز بن محمد رحمه الله سنة (1184هـ)، انظر: الدرر السنية (1/55-57). ومن ذلك أيضا: المناظرة التي جرت بين الشيخ حمد بن ناصر بن معمر وعلماء مكة، إثر بعثه من قبل الإمام عبد العزيز بن محمد أيضا سنة (1211هـ). انظر: مشاهير علماء نجد (157-158). وقد سطر الشيخ حمد هذه المناظرة في رسالته المشهورة: الفواكه العذاب في الرد على من لم يحكم السنة والكتاب، وأوردها الشيخ ابن سحمان ضمن الهدية السنية (55-90).

( [30] ) الهدية السنية (41).

( [31] ) مشاهير علماء نجد (34).

( [32] ) القديم والحديث (166).

( [33] ) الأعلام (4/131).

( [34] ) أطلق الشيخ على أتباع الدعوة لفظ "الموحدين" ، لعظيم عنايتهم بتحقيق التوحيد -لا سيما توحيد العبادة- ، مع إهمال معاصريهم لذلك -إلا من رحم الله- . فكان هذا الوصف أبرز سمة لهم.

( [35] ) ((في)) ساقط من س.

( [36] ) في م زيادة: ((ألف ومائتين وثمانية عشر)).

( [37] ) هو الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود، الإمام الثالث من أئمة آل سعود، ويعرف بسعود الكبير، ولد سنة 1163هـ، وتولى مقاليد الحكم بعد مقتل والده سنة 1218هـ، كان على قدر كبير من الذكاء والشجاعة والهيبة والفصاحة. تتلمذ على الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب، وحصّل حظًا وافرًا من العلم، وكان يعقد حلقات علمية، ويكثر من كتابة النصائح الخاصة والعامة. توفي رحمه الله سنة 1229هـ.

         انظر ترجمة ضافية له في: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/167-178)، وانظر أيضا: مثير الوجد في أنساب ملوك نجد (124)، والدرر السنية (16/366-376)، والأعلام (3/90). وقد خص د. منير العجلاني فيه، وفي أحداث عهده، وفي جمع جملة من رسائله ونصائحه جزءًا من كتابه: (تاريخ البلاد العربية السعودية)، سماه: (عهد سعود الكبير).

( [38] ) جملة الدعاء مثبتة في س فقط.

( [39] ) في م سقطت كلمة ((تواطؤوا)) وجاءت الجملة هكذا: ((وقد كان أمراء الحج وأمير القتال على القتال)).

( [40] ) انظر: عنوان المجد في تاريخ نجد (1/123).

( [41] ) انظر: المصدر السابق.

( [42] ) في م: ((ودخلناها بالتلبية))، وفي س: ((ودخلنا وشعارنا التلبية)).

( [43] ) في م: ((به))  ساقطة.

( [44] ) في ط: ((رحمه الله)).

( [45] ) يقول الجبرتي وهو يحكي ما جرى بعد دخول الإمام سعود –وأخطأ في تسميته؛ حيث سماه: عبد العزيز ابن مسعود- مكة: ((... عقد مجلسًا في الحرم، وباحثهم على ما الناس عليه من البدع والمحرمات المخالفة للكتاب والسنة )) عجائب الآثار (3/398).

( [46] ) في م سقطت: ((وحده)).

( [47] ) في م سقطت: ((لله تعالى)).

( [48] ) في ط سقطت: ((باقي)).

( [49] ) من شواهد موافقة علماء مكة لما قامت عليه الدعوة الإصلاحية، وما دعا إليه علماء التوحيد وأئمته: ما حرره جملة من علماء مكة من شهادة تتضمن موافقتهم لهذه الدعوة جملة وتفصيلا؛ حيث قالوا: ((نشهد –ونحن علماء مكة، الواضعون خطوطنا وأختامنا في هذا الرقيم– أن هذا الدين، الذي قام به الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى، ودعا إليه إمام المسلمين سعود بن عبد العزيز ؛ من توحيد الله ونفي الشرك، الذي ذكره في هذا الكتاب؛ أنه هو الحق الذي لا شك فيه ولا ريب، وأن ما وقع في مكة والمدينة سابقاً ومصر والشام وغيرهما من البلاد إلى الآن من أنواع الشرك المذكورة في هذا الكتاب؛ أنه الكفر المبيح للدم والمال، والموجب للخلود في النار، ومن لم يدخل في هذا الدين، ويعمل به، ويوالي أهله، ويعادي أعداءه؛ فهو عندنا كافر بالله واليوم الأخر، وواجب على إمام المسلمين والمسلمين جهاده وقتاله ، حتى يتوب إلى الله مما هو عليه، ويعمل بهذا الدين .

 أشهد بذلك، وكتبه الفقير إلى الله تعالى: عبد الملك بن عبد المنعم القلعي الحنفي، مفتي مكة المكرمة، عفي عنه، وغفر له. أشهد بذلك وأنا الفقير إلى الله سبحانه: محمد صالح بن إبراهيم، مفتي الشافعية بمكة، تاب الله عليه. أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: محمد بن محمد عربي البناني، مفتي المالكية بمكة المشرفة، عفا الله عنه وأصلح شأنه. أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله: محمد بن أحمد المالكي، عفا الله عنه. أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: محمد بن يحيي، مفتي الحنابلة بمكة المكرمة، عفى الله عنه آمين. أشهد بذلك: وأنا الفقير إليه تعالى: عبد الحفيظ بن درويش العجيمي، عفا الله عنه. أشهد بذلك: زين العابدين جمل الليل. شهد بذلك: علي بن محمد البيتي. أشهد بذلك، وأنا الفقير إلى الله تعالى: عبد الرحمن جمال، عفا الله عنه. شهد بذلك، الفقير إلى الله تعالى: بشر بن هاشم الشافعي عفا الله عنه)). الدرر السنية (1/314-315). وتلاها شهادة مماثلة من بعض علماء المدينة.

( [50] ) في م ، س: ((ذلك الأمير)).

( [51] ) في م ، س: ((يقرر)).

( [52] ) في س: ((يطلب)).

( [53] ) قطعة من حديث أخرجه أبو داود في سننه، في كتاب: السنة، باب: في لزوم السنة (4/200-201) برقم (4607)، وابن ماجه في مقدمة السنن، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (1/15-16) برقم (42)، وأحمد في مسنده (28/373) برقم (17144)، وغيرهم من حديث العرباض بن سارية y، وصححه شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (35/19)، وفي منهاج السنة (4/164)، والحافظ ابن حجر في موافقة الخُبر الخبر (1/137)، ونقل في (1/139) عن أبي إسماعيل الأنصاري قوله عنه: ((هو من أجود حديث لأهل الشام))، وصححه –أيضا- الألباني في السلسلة الصحيحة (6/526) برقم (2735).

( [54] ) في س: ((و)).

( [55] ) أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب الشهادات، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد (5/258) مع الفتح، برقم (2651)، ومسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة (4/1964) برقم (2535) ، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه.

( [56] ) في م: ((وعرفنا)).

( [57] ) في م: ((إن بقي لديهم إلا شبهة أو شبهتين)).

( [58] ) في م: ((بالدليل)).

( [59] ) في م: ((فلم)).

( [60] ) في م: ((أن ما قاتلنا)).

( [61] ) في م ، س: ((المعقدة)).

( [62] ) في م: ((بأنه)).

( [63] ) في ط ، س: ((المريض)).

( [64] ) في م: ((شرك))، وفي س: ((الشرك الأكبر )).

( [65] ) في ط ، س: ((ويبيح)).

( [66] ) في م: ((تضريف))، وفي الهامش تصويبها كما في ط.

( [67] ) في م: ((أو متقربا بهم)). وفي ط: ((ومتقربا بهم)).

( [68] ) في س: ((لقضاء)).

( [69] ) في م: ((بسببهم)). وانظر: الدرر السنية (2/117).

( [70] ) في س: ((أو يهتف)).

( [71] ) كلمة ((الأولى)) ساقطة من م.

( [72] ) هو عبد الملك بن عبد المنعم بن تاج الدين القلعي الحنفي المكي، مفتي الحنفية بمكة، والمدرس بالمسجد الحرام، تتلمذ على والده، وعلى الشيخ يحيى الحباب والشيخ عبد الوهاب الصديقي، له من المؤلفات: الكواكب الدرية من فتاوى القلعية، وبلوغ القصد في تحقيق مباحث الحمد، وشرح على الأجرومية، توفي بمكة سنة 1228هـ.

         انظر ترجمته في: المختصر من كتاب نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة 329، وأعلام المكيين 2/778، ووسام الكرم (272).

( [73] ) الظاهر أنه الشيخ حسين بن علي المالكي، مفتي المالكية بمكة، واشتهر بيتهم ببيت مفتي المالكية، كان إمامًا وخطيبًا ومدرسًا بالمسجد الحرام. من الأفاضل الأعيان في وقته. توفي بمكة سنة 1228هـ.

       انظر ترجمته في: المختصر من كتاب نشر النور والزهر في تراجم أفاضل مكة (182)، ووسام الكرم (165).

( [74] ) لعل المقصود :  عقيل بن عمر بن عقيل بن شيخ بن عبد الرحمن بن يحيى مولى الدَوِيلة العلوي الحضرمي، فاضل، مولده بحضرموت. من مؤلفاته: كتاب المجاهدة، والمطية الفاخرة لمن أراد حرث الآخرة، وكتاب تأويل الرؤيا. توفي بمكة سنة 1238هـ.

         انظر ترجمته في: الجامع – جامع شمل أعلام المهاجرين المنتسبين إلى اليمن وقبائلهم (379). 

( [75] ) في ط: ((ويرجى النفع والنصر بسببه)). وفي م: ((ويرجى النفع والضر بسببه)). 

( [76] ) ((تلك)) ساقطة من س.

( [77] ) يقول ابن بشر: ((فلما فرغ سعود والمسلمون من الطواف والسعي، فرّق أهل النواحي يهدمون القباب التي بنيت على القبور والمشاهد الشركية، وكان في مكة من هذا النوع شيء كثير؛ في أسفلها وأعلاها ووسطها وبيوتها ... ولبث المسلمون في تلك القباب بضعة عشر يوما يهدمون؛ يباكرون إلى هدمها كل يوم وللواحد الأحد يتقربون، حتى لم يبق في مكة شيء [في الأصل: شيئا] من تلك المشاهد والقباب، إلا أعدموها، وجعلوها ترابا)) . عنوان المجد (1/123-124).

( [78] ) كان بالمسجد الحرام مقامات أربعة لكل مذهب من المذاهب الأربعة؛ فيصلي أهل كل مذهب خلف إمامهم تحت مقام منها بانفراد، أو جميعا في وقت واحد. انظر وصف حال تلك المقامات، وكيفية الصلاة فيها، وجملة من كلام العلماء في إنكارها، في : شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام (1/391-396)، وتحصيل المرام (1/397-401)، وتاريخ عمارة المسجد الحرام (224-240)، والتاريخ القويم (5/326-330).

        ولا شك أن هذه بدعة شنيعة؛ قال الشوكاني رحمه الله: ((عمارة المقامات بدعة بإجماع المسلمين، أحدثها أشرّ ملوك الشراكسة فرج بن برقوق في أوائل المائة التاسعة))، ثم ذكر ما نتج عن ذلك من مفاسد، فقال: ((من أعظمها خطرا وأشدها على الإسلام: ما وقع الآن في الحرم الشريف من تفرق الجماعات، ووقوف كل طائفة في مقام من هذه المقامات، كأنهم أهل أديان وشرائع مختلفة، فإنا لله وإنا إليه راجعون)). إرشاد السائل إلى دلائل المسائل (50) – ضمن الرسائل السلفية.

         وقد عاد الأمر كما كان عليه قبل المنع -الذي يشير إليه المؤلف- بعد انتهاء حكم الدولة السعودية الأولى لمكة، حتى قيض الله الملك عبد العزيز رحمه الله لإزالة هذه البدعة بالكلية، وجمع المسلمين على إمام واحد، ولله الحمد والمنة. وكان ذلك سنة 1343هـ. انظر: تاريخ عمارة المسجد الحرام (233).

        وتم في عهد الملك سعود رحمه الله هدم المقامات المذكورة، وكان ابتداء ذلك سنة 1377هـ. انظر: التاريخ القويم (5/330). 

( [79] ) في ط ، س: ((واجتمعت)).

( [80] ) انظر: عنوان المجد (1/124). وجملة: ((أبركهم وهو الشريف عبد المعين)) سقطت من ط ومن س. وهو الشريف عبد المعين بن مساعد بن سعيد بن سعد بن زيد من آل أبي نمي، أخو الشريف غالب الذي كان حاكما للحجاز آنذاك، وقد تولى الحكم في الحجاز بعد وفاة والده الشريف مساعد سنة 1184هـ، ولم يمكث في الحكم إلا عدة أشهر؛ حيث تغلب عليه أخوه الشريف سرور بعد حروب جرت بينهما. انظر: تحصيل المرام (2/795).

( [81] ) في م: ((وأثبت)).

( [82] ) في م: ((المتضمنة براهين تقرير الأدلة على ذلك)).

( [83] ) في م: ((مما يبلج الصدور)).

( [84] ) في م: ((فيتمسكون)).

( [85] ) في ط: ((فيتضح)).

( [86] ) ((لهم))  ساقطة من م.

( [87] ) ((آمنين))  ساقطة من م.

( [88] ) هذه الرسالة –من قوله: ((وهي هذه)) ، إلى قوله: ((والله أعلم)) الآتي بعد صفحات- هي رسالة: القواعد الأربع، وقد سقطت من ط ومن س. وهي في الدرر السنية (2/36-39) مع اختلافات طفيفة، وقد صوبت من طبعة الدرر بعض الكلمات والجمل. ولإمام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عدة رسائل تضمنت هذه القواعد الأربع، اتفقت في مضمونها، واختلفت في بعض جملها، أو في البسط والاختصار، وفي الدرر السنية منها عدة رسائل؛ أولاها في: (2/23-26)، والثانية في: (2/27-30)، والثالثة في: (2/33-35)، والرابعة –كما سبق- في: (2/36-39)، وفي بعض المواضع لخصها الشيخ رحمه الله في قاعدتين، انظر: (2/40-41، 107، 117-119). 

( [89] ) في م: ((فاعرف))، والتصويب من الدرر السنية.

( [90] ) في م: ((فاعلم لا عبادت إلا بالتوحيد))، والتصويب من الدرر السنية.

( [91] ) في م: ((دعى))، والتصويب من الدرر السنية.

( [92] ) قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله: ((ومعنى خوف السر: هو أن يخاف العبد من غير الله تعالى أن يصيبه مكروه بمشيئته وقدرته وإن لم يباشره؛ فهذا شرك أكبر؛ لأنه اعتقاد للنفع والضر في غير الله)). تيسير العزيز الحميد (40). 

( [93] ) في م: ((أربعة))، والتصويب من الدرر السنية.

( [94] ) سقط من م: ((وقوله تعالى))، والتصويب من الدرر السنية.

( [95] ) في م: ((على الصالحين))، وما أثبته من الدرر السنية.

( [96] ) في م: ((أنهم يخلصون))، وما أثبته من الدرر السنية.

( [97] ) في م هنا زيادة: ((وأهل زماننا يخلصون الدعاء في الشدائد))، وهي عبارة مقحمة خاطئة، كما سيتضح بعد هذا بأسطر، وجاءت العبارة في الدرر السنية بدونها، وهو الصواب. ويبدو أن العبارة في الأصل هي: ((وأهل زماننا يخلصون الدعاء في الشدائد لغير الله))،وأقحم الناسخ الآية بين قوله: ((في الشدائد)) و ((لغير الله)) .

( [98] ) زيادة يقتضيها السياق من الدرر السنية.

( [99] ) في م: ((الله))، والتصويب من الدرر السنية.

( [100] ) في ط ، س:  ((الحياني))، وفي م: ((حسين الايرتعي الحضرمي ثم الحياني))، وكلاهما خطأ؛ والصواب كما هو مثبت:  ((الحباني)). وهو: الحسين بن محمد بن حسين بن عبد الله إبريق –ولذا يقال له الإبريقي- الحَباني الحضرمي، ولد بحَبان باليمن في النصف الأخير من القرن الثاني عشر الهجري، ولا تعرف ولادته بالتحديد ولا وفاته، غير أنها كانت بعد 1230هـ، وقد رحل في طلب العلم إلى بعض المدن في اليمن، وإلى الحرمين، وأخذ عن جملة من أهل العلم واستجازهم؛ منهم: محمد بن صالح الزمزمي المكي، عبد الله بن علوي الحداد، وغيرهم. تولى القضاء بزبيد، واشتغل بالتدريس والتأليف، ومن مؤلفاته: إرشاد العوام ببيان الإيمان والإسلام، وتحفة الحبيب حواشٍ على غاية التقريب.

         انظر: مصادر الفكر الإسلامي في اليمن 276، وما جاد به الزمان من أخبار مدينة حبان 52-57.

( [101] ) في م: ((ويسئل عن غير مسئلة الشفاعة الذي)).

( [102] ) في م: ((الطريق الأسلم، بل الأحكم))، وفي س: ((الطريق الأسلم والأعلم والأحكم)).

( [103] ) في م: ((أتقن)).

       وهذه الدعوى –أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم- قد رددها كثير من أهل البدع والكلام، انظر: تحفة المريد على جوهرة التوحيد (156)، وانظر أيضا: شرح المقاصد (4/50). وانظر ردها في: الفتوى الحموية (202-205)، وفتح رب البرية بتلخيص الحموية (57-60).

( [104] ) في م: ((والأحاديث)).

( [105] ) في ط: ((ونكل معناها -مع اعتقاد حقائقها- إلى الله تعالى)) ، وفي م: ((ونكل معناها إلى الله تعالى)).

( [106] ) طريقة أهل السنة –كما وضح المؤلف رحمه الله- في هذا الباب: إثبات الصفات مع العلم بمعناها لغة وتفويض العلم بالكيفية. يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن موضحًا منهج أئمة الدعوة –الذي هو منهج أهل السنة- في هذا الموضع: ((وأهل السنة، وأهل العلم والفتوى لا يكتفون بمجرد الإيمان بألفاظ الكتاب والسنة في الصفات من غير اعتقاد لحقيقتها، وما دلت عليه من المعنى)). الدرر السنية (3/312). ويقول الشيخ محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن تعليقًا على أثر مالك السابق: ((فأثبت مالك رحمه الله الاستواء، ونفى علم الكيفية، وكذلك اعتقادنا في جميع أسماء الرب وصفاته؛ من الإيمان باللفظ، وإثبات الحقيقة، ونفي العلم بالكيفية)). المصدر السابق (1/571).

       وأثر الإمام مالك المذكور أخرجه بنحوه: الدارمي في الرد على الجهمية (66)، وأبو نعيم في الحلية (6/325-326)، والصابوني في عقيدة السلف وأصحاب الحديث (181)، والذهبي في العلو (2/954)، وقال عقب روايته له : ((هذا ثابت عن مالك)).   

( [107] ) في ط ، س: ((فإن)).

( [108] ) في م: ((مرتب عليه والجزاء الثواب فضلا والعقاب عدلا)).

( [109] ) في ط: ((لعبده)).

( [110] ) مضى الكلام عن انتساب المؤلف وأئمة الدعوة للمذهب الحنبلي تفصيلاً. انظر ص (7).

( [111] ) في ط: ((الرافضة)).

( [112] ) في م: ((فلا))، وفي س: ((لا)).

( [113] ) في م: ((بمرتبة)).

( [114] ) انظر: المغني (9/65-68).

( [115] ) في ط: ((مخالفا)).

( [116] ) في س: ((شعائر ظاهرة)).

( [117] ) ((دليل)) ساقطة من س.

( [118] ) في ط ، س: ((بالنص)).

( [119] ) ((إنما)) ساقطة من ط ، س.

( [120] ) انظر: روضة الناظر (3/963)، ومجموع الفتاوى (20/204)، وإعلام الموقعين (4/216).

( [121] ) ((المطلق)) ساقطة من ط.

( [122] ) ((ابن)) ساقطة من م.

( [123] ) في م: ((للأئمة)).

( [124] ) في م: ((الستة)).

( [125] ) في م: ((وتفنين سائر الكتب المذاهب)).

( [126] ) في م: ((علوم الآلة)).

( [127] ) هو كتاب: روض الرياحين في حكايات الصالحين، لعبد الله بن أسعد بن علي اليافعي، نزيل مكة (ت 768هـ). وهو كتاب مشتمل على جملة من المخالفات الشرعية والغلو في الصالحين والأذكار المحدثة. انظر الكلام عنه في: كتب حذر منها العلماء (2/198، 200).

( [128] ) في م: ((أو يحصل لسببه))، وفي ط: ((أو يحصل بسببه)).

( [129] ) يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن المنطق: ((ولهذا ما زال علماء المسلمين وأئمة الدين يذمونه ويذمون أهله، وينهون عنه وعن أهله، حتى رأيت للمتأخرين فتيا فيها خطوط جماعة من أعيان زمانهم من أئمة الشافعية والحنفية وغيرهم، فيها كلام عظيم في تحريمه وعقوبة أهله)). نقض المنطق (156). وهذا الكتاب وقرينه: الرد على المنطقيين من أحسن الكتب في بيان فساد المنطق.

( [130] ) في م: ((تفحص))، وعليها تصويب، فصارت: ((نتفحص)).

( [131] ) أي: دلائل الخيرات لمحمد بن سليمان الجزولي (ت 854هـ). وهو كتاب يشتمل على صلوات محدثة على النبي عليه الصلاة والسلام، ولا تخلو من غلو، هذا عدا ما اشتمل عليه الكتاب من أحاديث موضوعة. انظر كلام أهل العلم عن هذا الكتاب في: الدرر السنية (1/80-81)، ومجموعة الرسائل والمسائل (2/83) – جواب للشيخ عبد الرحمن بن حسن، والضياء الشارق (66، 74، 75)، وصيانة الإنسان (472).

( [132] ) في م: ((البدوان)).

( [133] ) في س: ((من بعض الجهلة)).

( [134] ) في م: ((ولما)).

( [135] ) في م: ((والأطفال)). وانظر رد هذه الشبهة في: الدرر السنية (9/243).

( [136] ) ((به)) ساقطة من ط.

( [137] ) في م: ((الشيخ)).

( [138] ) في م: ((رمته)).

( [139] ) انظر رد هذا الافتراء في: مجموعة الرسائل والمسائل النجدية (4/833)، والصراع بين الإسلام والوثنية (2/59)

( [140] ) في م: ((شفاعته)). وانظر رد هذه الشبهة في: الدرر السنية (1/31، 63-64).

( [141] ) ((على)) سقطت من م.

( [142] ) ((فيها الحق)) سقطت من م.

( [143] ) انظر رد هذه الشبهة في الدرر السنية (1/29)، (3/11).

( [144] ) في م: ((إطلاق)).

( [145] ) انظر رد هذه الشبهة في: الدرر السنية (1/73، 80، 100)، (9/252)، (10/13).

( [146] ) في ط: ((إلا بعد التقرير عليه))، وفي س: ((إلا بعد التقرر عليه)).

( [147] ) هنا زيادة ((إن)) في م.

( [148] ) انظر رد هذه الشبهة في: الدرر السنية (10/13).

( [149] ) في م: ((الكفو)).

( [150] ) في ط ، س: ((إذا ترافعوا إلينا)).

( [151] ) في م: ((ولا)).

( [152] ) في م: ((من ذكر ما كان جوابنا عليه)).

( [153] ) في س: ((قطعيا)).

( [154] ) في م ، س ((وضعه علينا وافتراه)).

( [155] ) في م: ((لإخلاص)).

( [156] ) في ط ، س: ((الذي نص الله عليه بأن الله لا يغفره)).

( [157] ) في م: ((كالقتل)).

( [158] ) في م: ((وشارب)).

( [159] ) ((أنه)) ساقطة من م.

( [160] ) في م: ((بفعل)).

( [161] ) في م: ((ولا نخلد)). وفي م ، ط ((به)) ساقطة. 

( [162] ) في م: ((موحدا لله تعالى في جميع)).

( [163] ) انظر: الدرر السنية (1/32).

( [164] ) يقول الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: ((ولما أراد سبحانه إظهار توحيده وإكمال دينه، وأن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، بعث محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وحبيب رب العالمين، وما زال في كل جيل مشهوراً، وفي توراة موسى وإنجيل عيسى مذكوراً، إلى أن أخرج الله تلك الدرة، بين بني كنانة وبني زهرة؛ فأرسله على حين فترة من الرسل، وهداه إلى أقوم السبل، فكان له صلى الله عليه وسلم من الآيات، والدلالات على نبوته، قبل مبعثه، ما يعجز أهل عصره ... وأنبته الله نباتاً حسناً، وكان أفضل قومه مروة، وأحسنهم خلقًا، وأعزهم جواراً، وأعظمهم حلماً، وأصدقهم حديثاً، حتى سماه قومه الأمين؛ لما جعل الله فيه من الأحوال الصالحة، والخصال المرضية)). الدرر السنية (2/90-91). فهل يقول هذا الثناء الرفيع من يضع من رتبته عليه الصلاة والسلام؟ وقد بيّن الإمام سبب هذه الفرية التي روجها أعداء التوحيد، حيث قال: ((وهكذا هؤلاء، لما ذكرت لهم ما ذكره الله ورسوله، وما ذكره أهل العلم من جميع الطوائف؛ من الأمر بإخلاص الدين لله والنهي عن مشابهة أهل الكتاب من قبلنا في اتخاذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله؛ قالوا لنا: تنقصتم الأنبياء، والصالحين، والأولياء)). الدرر السنية (2/50).

( [165] ) في م: ((مستقرة)).

( [166] ) في ط ، س: ((بالاشتغال)).

( [167] ) في م: ((سعادة)).

( [168] ) في ط ، س: زيادة: ((عنه)). والحديث الذي أشار إليه المؤلف هو حديث الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ذهب ثلثا الليل، قام فقال: يا أيها الناس اذكروا الله، اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه، قال أبي: قلت: يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك؛ فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: ما شئت. قال: قلت: الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: النصف، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قال: قلت: فالثلثين، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير لك. قلت: أجعل لك صلاتي كلها، قال: إذاً تكفى همك، ويغفر لك ذنبك). أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع، باب: (23)، (4/549) برقم (2457) وقال: ((هذا حديث حسن صحيح)). وأخرجه أحمد في مسنده مختصرًا (35/166) برقم (21242). والحديث حسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (11/168). وانظر معنى الحديث في مجموع الفتاوى (1/193)، وجلاء الأفهام (76).

( [169] ) انظر: الدرر السنية (1/32).

( [170] ) في م: ((هدي)).

( [171] ) ((بعد)) ساقطة من م.

( [172] ) في م: ((نطلب)).

( [173] ) في م: ((الحيواة)).

( [174] ) أخرجه مسلم بلفظ: (دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة) الحديث، من حديث أم الدرداء رضي الله عنها. انظر صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الدعاء للمسلمين بظهر الغيب (4/2094) برقم (2733).

( [175] ) في م: ((ففعلاه)). وأمره عليه الصلاة والسلام عمر أن يسأل أويسًا القرني أن يستغفر له، أخرجه مسلم في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أويس القرني (4/1969) برقم (2542). وأما أمره عمر وعليا بذلك، فقد أخرجه أبو نعيم في الحلية (2/81-82) ضمن قصة طويلة، قال الذهبي عقب إيرادها: ((وهذا سياق منكر، لعله موضوع)). سير أعلام النبلاء (4/28). 

( [176] ) انظر رد شبهة إنكار أئمة الدعوة للشفاعة في: الدرر السنية (1/31، 63-64)، (2/50). وأحاديث الشفاعة كثيرة متواترة في الصحيحين وغيرهما؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((أحاديث الشفاعة في أهل الكبائر ثابتة متواترة عن النبي –صلى الله عليه وسلم-، وقد اتفق عليها السلف من الصحابة وتابعيهم بإحسان وأئمة المسلمين، وإنما نازع في ذلك أهل البدع من الخوارج والمعتزلة ونحوهم)). مجموع الفتاوى (4/309).

( [177] ) في ط ، س: لم يرد ذكر لفظ الجلالة.

( [178] ) يشير إلى قوله عليه الصلاة والسلام: (أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قِبَل نفسه). أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار (11/418) مع الفتح، برقم (6570).

( [179] ) في م: ((أو)).

( [180] ) في م: ((ممن)).

( [181] ) في ط ، س: ((أو)).

( [182] ) في م: ((حث)).

( [183] ) في م ، س: ((على)).

( [184] ) في م: ((ما ذكر)).

( [185] ) في ط: ((ما نقول)).

( [186] ) في ط ، س: ((ننظر)).

( [187] ) ((به)) في م ساقطة.

( [188] ) في م: ((عتاة)).

( [189] ) ((أنه)) في ط ساقطة.

( [190] ) في م: ((بحلفٍ)).

( [191] ) في ط ، س: ((فهو)).

( [192] ) انظر: الدرر السنية (10/13).

( [193] ) ((نبيك)) في م ساقطة.

( [194] ) في م ، س: ((البدعة)).

( [195] ) في م: ((إذا لم يرد)).

( [196] ) في م: ((فإنه قد)).

( [197] ) في س: ((على الدرعية))، وفي م: ((على أهل الدراية)).

( [198] ) في م: ((النكاح في الفاطمية)).

( [199] ) في م: ((وكان)).

( [200] ) في م: ((بما)).

( [201] ) في م: ((فيهم)).

( [202] ) في م: ((كتابا وسنة)). ومما جاء في فضلهم في كتاب الله قوله تعالى: ﭽ           ﮊ    ﮋ         ﮎ  ﮏ   ﮐ  ﮑ  ﭼ [الأحزاب: 33]. ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام: (وأنا تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله ... وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي). أخرجه مسلم في صحيحه، في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه (4/1873) ، برقم (2408) ، من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه.

( [203] ) انظر: الدرر السنية (1/56، 208).

( [204] ) في م: ((صدر المجلس)).

( [205] ) في س: ((والبداية)).

( [206] ) في م: ((في)).

( [207] ) ((مع غيره)) ساقطة من م.

( [208] ) في م ، ط: ((و)).

( [209] ) ((وأما)) ساقطة من ط.

( [210] ) ((أو غيرهم)) ساقطة من ط ، س.

( [211] ) في ط ، س: ((أوقات)).

( [212] ) في ط: ((أو لطول)).

( [213] ) في ط ، س: ((أو عادة)).

( [214] ) في م: ((حسما؛ أي سد الذرائع ما أمكن)).

( [215] ) في م: ((فإنا)).

( [216] ) في م: ((زوايا منسوبة)).

( [217] ) في م: ((إلى الله)).

( [218] ) في م: ((كماله)).

( [219] ) في م: ((وأما إنكاح الفاطمية على غير الفاطمية [كذا] فلم يرد فيه أثر إجماعا)).

( [220] ) هي سكينة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، قيل إن اسمها: آمنة، وقيل: أمينة، وقيل: أميمة، وسكينة لقب لها، كانت من أحسن النساء، شهمة مهيبة، توفيت سنة (117هـ) رحمها الله ورضي عنها. وفي المصدرين الآتيين ذكر من تزوج بها.

       انظر: وفيات الأعيان (2/394-397)، وسير أعلام النبلاء (5/262-263).

( [221] ) ((بل)) ساقطة من م.

( [222] ) في ط ، س: ((وتمتنع من غير الكفء)).

( [223] ) في م: ((بعضا)).

( [224] ) ((النقول)) ساقطة من ط.

( [225] ) ((وفيه الكفاية)) ساقطة من ط ، س.

( [226] ) في م: ((فائدة: إن)).

( [227] ) في م: ((يكفر)).

( [228] ) ((ذلك)) ساقطة من ط.

( [229] ) تقرير هذه المسألة في: مجموع الفتاوى (5/306)،(20/217-218)،(29/41-43)، ونونية ابن القيم مع شرح ابن عيسى (2/394-395). 

( [230] ) في م: ((بالجهة)). وانظر التنبيه على رد هذه الشبهة في: أقاويل الثقات (92)، ومجموع الفتاوى (20/218).

( [231] ) في م: ((يصرون على ذلك من الاشرار)).

( [232] ) في م: ((ويمنعون)).

( [233] ) في م: ((نقاتلهم لمناصرته لمن هذا))، وفي س: ((نقاتلهم لمناصرته لمن هذه)). 

( [234] ) في م: ((والتغلب))، وفي س: ((والتغليب)).

( [235] ) ((حل)) ساقطة من ط.

( [236] ) في م: ((عصمهم)).

( [237] ) في ط: ((والإجماع في ذلك ممنوع قطعا)). وفي س مثله ، إلا أنه قال: ((قطعيا)).

( [238] ) في م كلمة غير واضحة؛ كأنها: ((ولا بأس)).

( [239] ) ((كمثل عمر رضي الله عنه)) ساقطة من م.

( [240] ) القصة مشهورة؛ أخرجها عبد الرزاق في مصنفه (6/180)، والبيهقي في السنن الكبرى (7/233) وحكم عليها بالانقطاع، وحكم عليها الألباني بالضعف والنكارة، انظر: إراواء الغليل (6/348). وقال ابن كثير عن إسنادها: ((جيد قوي)) تفسير القرآن العظيم (2/244)، ومثله السخاوي في المقاصد الحسنة (326).

( [241] ) كلمة ((محمد)) ساقطة من ط.

( [242] ) ((كما لهم ذات أنواط؛ فردهم)) ساقطة من ط. ومن س سقطت: ((فردهم)).

       والحديث المشار إليه أخرجه أحمد في مسنده (36/225)، برقم (21897)، والترمذي في جامعه في كتاب الفتن، باب ماجاء لتركبن سنن من كان قبلكم (4/413) برقم (2180)، وقال: ((هذا حديث حسن صحيح)). وقد حكم عليه ابن القيم في إغاثة اللهفان (2/239) بالثبوت، وصححه الألباني في صحيح الترمذي (2/235).  

( [243] ) في م: ((نظر)).

( [244] ) في ط ، س: ((لمن ذُكر)).

( [245] ) في ط ، س: ((ولا)).

( [246] ) في م: ((حجة)).

( [247] ) في م: ((محجة)).

( [248] ) في م: ((فنُسي)).

( [249] ) في م: ((ينهى)).

( [250] ) ((الأمر)) ساقطة من ط.

( [251] ) ((رضي الله عنهم)) ساقطة من م.

( [252] ) في م: ((بل وقتاله)).

( [253] ) في م: ((إجماعا)).

( [254] ) في م: ((على)).

( [255] ) في م وفي س زيادة: ((حتى ماتوا)).

( [256] ) في ط: ((أن ذلك)).

( [257] ) الذي عليه أهل السنة في شأن الفتنة التي جرت بين الصحابة: لزوم الكف وعدم الخوض.

       يقول المؤلف رحمه الله: ((وأما الاختلاف الذي بين علي ومعاوية؛ فتلك أمة قد خلت؛ لها ما كسبت ولنا ما كسبنا، ولا نُسأل عما كانوا يعملون)). جواب أهل السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والزيدية (4/50) ضمن مجموعة الرسائل والمسائل النجدية.

        وعند الحاجة إلى التفصيل في الموضوع: فإن جمهور أهل السنة ينظرون إلى هذا الموضوع من جهتين: من جهة الخلاف: فيرون أن عليا أقرب إلى الحق من معاوية رضي الله عنهما، ومعاوية مجتهد مأجور. ومن جهة القتال: فيرون أن القتال قتال فتنة ليس فيه صواب، ولم يكن فيه خير، والصواب المحض مع من ترك القتال من الصحابة، وهم جمهورهم. انظر تفصيل ذلك في: منهاج السنة (4/389، 392-393، 448، 504).  

( [258] ) في ط ، س: ((وبلغ من نصحه الأمة)).

( [259] ) هو أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد بن محمد بن حجر الهيتمي المصري ثم المكي، فقيه شافعي، له مشاركات في عدد من العلوم، من مؤلفاته: الزواجر عن اقتراف الكبائر، والإعلام بقواطع الإسلام، وتحفة المحتاج. كان أشعري العقيدة، ذا ميل للتصوف، شديد الطعن على بعض علماء السنة كشيخ الإسلام ابن تيمية. ولد بمصر سنة (909هـ)، وتوفي سنة (974هـ)، وقيل: سنة (973هـ).

        انظر: شذرات الذهب (8/370)، وفهرس الفهارس (1/337)، وجلاء العينين (27). وانظر آراءه الاعتقادية في كتاب: آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية.

( [260] ) في م: ((نعلم)).

( [261] ) يريد المؤلف كتاب: الجوهر المنظم في زيارة القبر المكرم، والكتاب يدور موضوعه حول مشروعية الزيارة، واستحباب شد الرحال إليها. انظر ملخص ما جاء في الرسالة في كتاب: آراء ابن حجر الهيتمي الاعتقادية (46-47).

( [262] ) في ط: ((سعة)).

( [263] ) ((به )) ساقطة من ط.

( [264] ) ((به)) ساقطة من م.

( [265] ) في م: ((مقلدا ممن)).

( [266] ) لفظ الجلالة ساقط من م.

( [267] ) أي: اعوجاجه. انظر: تاج العروس (7/394) مادة: أود.

( [268] ) في م: ((يصح)).

( [269] ) في م: ((فجنود)).

( [270] ) في ط ، س: ((حدثت)).

( [271] ) البدعة –كما عرفها ابن رجب رحمه الله-: ((ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه))  جامع العلوم والحكم (2/127). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((البدعة في الدين: هي ما لم يشرعه الله ورسوله –عليه الصلاة والسلام- وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب أو استحباب)). مجموع الفتاوى (4/107-108). وأما حدُّها بما ذكره المؤلف رحمه الله: ((ما حدث بعد القرون المفضلة))؛ فلا يُفهم منه أن المحدثات التي حدثت أثناء تلك القرون –وإن كانت قليلة- لا تعد بدعة شرعا؛ وإنما يمكن حمل كلامه على أحد أمرين: إما أنه أراد: ما خالف إجماع سلف الأمة وجانب طريقتهم؛ وهذا حد صحيح؛ لأن البدع –وهي التي لا أصل لها في الشريعة- مخالفة لما كان عليه السلف الصالح قطعا؛ فيكون كلامه نظير قول شيخ الإسلام رحمه الله: : ((البدعة ما خالفت الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة؛ من الاعتقادات والعبادات)). مجموع الفتاوى (18/346). أو يحمل كلامه على الغالب؛ لأن غالب البدع إنما حدثت بعد انقضاء القرون المفضلة، والله أعلم.

( [272] ) في م: ((موضع)).

( [273] ) جملة: ((بغير الأذان، سواء كان آيات، أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو ذكر غير ذلك بعد أذان)) ساقطة من م.

( [274] ) في م: ((وفي)).

( [275] ) في م: ((الترخيم)). يقول محمد طاهر الكردي في كتابه: التاريخ القويم (6/268): ((ومن عاداتهم [أي أهل مكة] أن المؤذنين بالمسجد الحرام كانوا يصعدون إلى المنائر والمآذن في كل ليلة بعد ثلثي الليل، أي قبل الفجر بنحو ساعتين؛ يدعون الله تعالى ويسبحونه ويطلبون منه عز شأنه العفو والغفران والرحمة والرضوان بأعلى أصواتهم، ويسمونه: (الترحيم والتذكير)، فمن دعواتهم وأقوالهم: يا أرحم الراحمين ارحمنا ... هذا ما نحفظه مما كان يقوله أهل مكة في منارات المسجد الحرام وقت السحر –قبيل الفجر بنحو ساعة، وهذا يقولون له (الترحيم)، ثم بعد انتهاء الترحيم بنحو نصف ساعة يؤذنون أذان الفجر)).  

( [276] ) في م: ((خطيب)).

( [277] ) يشير إلى قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت). أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب (2/414) مع الفتح، برقم (394)، ومسلم في صحيحه، في كتاب الجمعة، باب الإنصات يوم الجمعة في الخطبة (2/853) برقم (851) ، من حديث أبي هريرة t .

( [278] ) في م: ((وقد)).

( [279] ) في م: ((شراح)).

( [280] ) كأن المؤلف يقصد بالشارح: المناوي في كتابه: فيض القدير. وقد بحثت في الكتاب فلم أقف على ما ذكر. وممن نص على بدعية ذلك: الشقيري في السنن والمبتدعات (49).

( [281] ) في ط ، س: ((على من يقرأ)).

( [282] ) في م: ((واعتقاد)).

( [283] ) ((لهم)) ساقطة من ط ومن س.

( [284] ) في م: ((سلم)).

( [285] ) أي الشرك، وفي ط: ((من)).

( [286] ) ((إلى)) ساقطة من م.

( [287] ) في ط زيادة: ((فذاك)).

       قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((ومن أشد الناس عيبًا من يتخذ حزبًا ليس بمأثور عن النبي r  -وإن كان حزبا لبعض المشايخ- ، ويدع الأحزاب النبوية التي كان يقولها سيد بني آدم، وإمام الخلق، وحجة الله على عبادة)). مجموع الفتاوى (22/525).

( [288] ) في م: ((رآه ردعا)).

( [289] ) كلمة ((قراءتها)) مطموسة في م.

( [290] ) في م: ((والمعتني فيه المثاب عليه)).

( [291] ) في م: ((تغير))، وفي ط: ((تغبير)). والمعنى: أي بلا تغيير عن الوجه المشروع.

( [292] ) في م: ((فقد قال الله)).

( [293] ) في م: ((وقال الله)).

( [294] ) في م الكلمة غير واضحة، وكأنها: ((للموقنين)).

( [295] ) في ط ، س: ((مولد)).

( [296] ) في م ، س: ((ويخلط)).

( [297] ) في م: ((يعتقدونه)).

( [298] ) ((المؤكدة)) ساقطة من ط ومن س.

( [299] ) في ط ، س: ((فسنة)).

( [300] ) في م: ((على)).

( [301] ) انظر: السنن والمبتدعات (157).

( [302] ) في م: ((بما لم يرد عمن سلف)).

( [303] ) في م: ((الطرطوسي)). والطُرطُوشي –نسبة إلى طُرطُوشة: مدينة بالأندلس- هو أبو بكر محمد بن الوليد القرشي الفهري الأندلسي، يعرف بابن رَندَقة، ولد سنة (451هـ)، وأخذ العلم عن الباجي واشتهر بصحبته له، ورحل إلى بغداد وغيرها وتلقى العلم عن خلائق. له من المصنفات سوى كتابه السابق: شرح رسالة ابن أبي زيد، ومختصر تفسير الثعالبي. توفي رحمه الله بالإسكندرية سنة (520هـ).

       انظر: وفيات الأعيان (4/262-264)، وسير أعلام النبلاء (19/490-496)، وشجرة النور الزكية (1/124-125).        

( [304] ) في م: ((الباعث في إنكار البدع والحوادث))، وفي س: ((الباعث على إنكار البدع والحوادث)). 

( [305] ) في س: ((ابن شامة المغربي)). ومراد المؤلف كتاب: الباعث على إنكار البدع والحوادث. ووصف هذا الكتاب بأنه اختصار للبدع والحوادث للطرطوشي محل نظر، كما يظهر هذا بالمقارنة بين الكتابين، والأقرب أنه من مصادره وليس اختصارًا له.

       وأبو شامة هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم الدمشقي المقدسي، ولد سنة (599هـ) بدمشق، كان ذا تمكن في فنون عديدة كالقراءات والحديث والنحو وغيرها، ووصف ببلوغه درجة الاجتهاد. صنف مصنفات عدة؛ منها الكتاب السابق، وضوء الساري إلى معرفة رؤية الباري، ومختصر تاريخ ابن عساكر. توفي رحمه الله بدمشق سنة (665هـ).

       انظر: طبقات الشافعية الكبرى (8/165-168)، وتذكرة الحفاظ (4/1460-1462)، وبغية الوعاة (2/77).

( [306] ) في م: ((فلم)).

( [307] ) ((قد)) ساقطة من م.

( [308] ) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب بدء الخلق، باب ذكر الملائكة (6/304) مع الفتح، برقم (3212)، ومسلم في صحيحه، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل حسان بن ثابت رضي الله عنه (4/1932) ، برقم (2485).

( [309] ) أخرجه البخاري في صحيحه، في كتاب الصلاة، باب أصحاب الحراب في المسجد (1/549) مع الفتح، برقم (454)، ومسلم في صحيحه في كتاب صلاة العيدين، باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد (2/1932) برقم (609) ، من حديث عائشة رضي الله عنها.

( [310] ) في م: ((بأنواع)).

( [311] ) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (7/209) بلفظ: ((بعثت بالحنيفية السمحة –أو السهلة- ، ومن خالف سنتي فليس مني )) من حديث جابر رضي الله عنه، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (2/10). وأخرجه أحمد في المسند (36/624) برقم (22291)، من حديث أبي أمامة ضمن حديث، وفيه: (إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية؛ ولكني بعثت بالحنيفية السمحة). وقد ضعفه ابن رجب في كتابه فتح الباري (1/136). غير أن هذا اللفظ قد جاء في عدة أحاديث عن عدد من الصحابة –ومنها الحديث الذي بعده- من طرق يشد بعضها بعضا؛ فهو حديث حسن، انظر تفصيل ذلك في السلسة الصحيحة (6/1022-1027).

( [312] ) أخرجه أحمد ولفظه: (لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة)، انظر: المسند (41/349) برقم (24855). وهو حديث حسن، انظر: المقاصد الحسنة (126)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة (6/1024).

( [313] ) في م: ((لهم)).

( [314] ) ((واحد)) ساقطة من ط ومن س.

( [315] ) ((الأربعة)) ساقطة من م ومن ط.

( [316] ) في م: ((أعلمه)).

( [317] ) في م: ((أعلمه)).

( [318] ) قطعة من حديث أخرجه البخاري في الأدب المفرد برقم (716) ، من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه، دون قوله: (إنك أنت علام الغيوب) . وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد (266).

( [319] ) ((إنما)) ساقطة من م.

( [320] ) في م هنا زيادة: ((قالوا: متى؟ قال:)).

( [321] ) هذا الأثر مشهور عن عمر رضي الله عنه، نقله غير واحد عنه، انظر: منهاج السنة النبوية (2/398، 4/590)، ومجموع الفتاوى ( 10/301، 15/54)، ومدارج السالكين (1/373). ولم أقف عليه –بعد بحث- مسندًا، ومما يقرب له في المعنى من كلام عمر رضي الله عنه قوله: (قد علمت و رب الكعبة متى تهلك العرب؛ إذا ولي أمرهم من لم يصحب الرسول صلى الله عليه و سلم، و لم يعالج أمر الجاهلية) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفتن والملاحم (4/475) برقم (8318)، وقال الذهبي في التلخيص: ((صحيح)). وأخرج نحوه أبو نعيم في الحلية (7/243). 

( [322] ) في م: ((تردد))، وكلمة ((مدة)) التي قبلها ساقطة أيضا. ومقصود المؤلف بالمذكور: حسين الحباني الذي تقدم ذكره والتعريف به.

( [323] ) ((أمر)) ساقطة من س.

( [324] ) بيّن الشيخ رحمه الله مراده بالطريقة الصوفية التي لا ينكرها أئمة الدعوة الإصلاحية؛ وهي: تنزيه الباطن من رذائل المعاصي المتعلقة بالقلب والجوارح بشرط كون ذلك وفق القانون الشرعي. وقد سار المؤلف في هذا الإطلاق على ما اشتهر من تعريف التصوف في ابتداء أمره. انظر: تلبيس إبليس (161)، ومقدمة ابن خلدون (2/584). ثم أضحى التصوف بعد ذلك طريقة مبتدعة لها منهجها وبدعها وانحرافاتها وشطحاتها، وغني عن البيان أن التصوف بهذا المفهوم ليس مقصود المؤلف –كما هو صريح قوله- ولا غيره من علماء أهل السنة عموما وأئمة الدعوة الإصلاحية خصوصا؛ فإن الشيخ محمدا وتلاميذه ومن بعدهم من العلماء منكرون له غاية الإنكار، وكتبهم تطفح بذلك. وفي هذا يقول الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله مبينا موقف الشيخ محمد من التصوف المنحرف: ((ولا يرى ما ابتدعته الصوفية من البدع والطرائق المخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، في العبادات والخلوات والأذكار المخالفة للشرع )). الدرر السنية (1/527).

( [325] ) في م: ((إلا أنا لا نتكلف له التأويلات في كل أمر)).

( [326] ) في م: ((ولا نستعين)).

( [327] ) ((سيدنا)) ساقطة من ط.

( [328] ) في س زيادة: ((قال ذلك: عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب عفا الله عنه والمسلمين)).

       وهنا ختام هذه الرسالة الجليلة، غفر الله لمؤلفها، ونفع بها.